للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَكَلَّمَهُمَا أُبَيٌّ وَنَهَاهُمَا، فَرَجَعَا إِلَى أَصْحَابِهِمَا. فَاجْتَمَعَ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ فَأَتَوْا عَلِيًّا، وَنَفَرٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَأَتَوْا طَلْحَةَ، وَنَفَرٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَأَتَوُا الزُّبَيْرَ، وَقَالَ كُلُّ فَرِيقٍ مِنْهُمْ: إِنْ بَايَعْنَا صَاحِبَنَا وَإِلَّا كَذَبْنَاهُمْ وَفَرَّقْنَا جَمَاعَتَهُمْ، ثُمَّ رَجَعْنَا عَلَيْهِمْ حَتَّى نُبْغِتَهُمْ. فَأَتَى الْمِصْرِيُّونَ عَلِيًّا وَهُوَ فِي عَسْكَرٍ عِنْدَ أَحْجَارِ الزَّيْتِ مُتَقَلِّدًا سَيْفَهُ، وَقَدْ أَرْسَلَ ابْنَهُ الْحَسَنَ إِلَى عُثْمَانَ فِيمَنِ اجْتَمَعَ إِلَيْهِ، فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وَعَرَضُوا عَلَيْهِ، فَصَاحَ بِهِمْ وَطَرَدَهُمْ وَقَالَ: لَقَدْ عَلِمَ الصَّالِحُونَ أَنَّ جَيْشَ ذِي الْمَرْوَةِ وَجَيْشَ ذِي خُشُبٍ وَالْأَعْوَصِ مَلْعُونُونَ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَانْصَرَفُوا عَنْهُ. وَأَتَى الْبَصْرِيُّونَ طَلْحَةَ فَقَالَ لَهُمْ مِثْلَ ذَلِكَ، وَكَانَ قَدْ أَرْسَلَ ابْنَيْهِ إِلَى عُثْمَانَ، وَأَتَى الْكُوفِيُّونَ الزُّبَيْرَ فَقَالَ لَهُمْ مِثْلَ ذَلِكَ، وَكَانَ قَدْ أَرْسَلَ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ إِلَى عُثْمَانَ.

فَرَجَعُوا وَتَفَرَّقُوا عَنْ ذِي خُشُبٍ وَذِي الْمَرْوَةِ وَالْأَعْوَصِ إِلَى عَسْكَرِهِمْ لِيَتَفَرَّقَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ ثُمَّ يَرْجِعُوا إِلَيْهِمْ. فَلَمَّا بَلَغُوا عَسْكَرَهُمْ تَفَرَّقَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، فَرَجَعُوا بِهِمْ، فَلَمْ يَشْعُرْ أَهْلُ الْمَدِينَةِ إِلَّا وَالتَّكْبِيرُ فِي نَوَاحِيهَا، وَنَزَلُوهَا وَأَحَاطُوا بِعُثْمَانَ وَقَالُوا: مَنْ كَفَّ يَدَهُ فَهُوَ آمِنٌ. وَصَلَّى عُثْمَانُ بِالنَّاسِ أَيَّامًا، وَلَزِمَ النَّاسُ بُيُوتَهُمْ وَلَمْ يَمْنَعُوا النَّاسَ مِنْ كَلَامِهِ، وَأَتَاهُمْ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَفِيهِمْ عَلِيٌّ فَقَالَ لَهُمْ: مَا رَدَّكُمْ بَعْدَ ذَهَابِكُمْ؟ فَقَالُوا: أَخَذْنَا مَعَ بَرِيدٍ كِتَابًا بِقَتْلِنَا. وَأَتَى طَلْحَةُ الْكُوفِيِّينَ فَسَأَلَهُمْ عَنْ عَوْدَتِهِمْ فَقَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ. وَأَتَى الزُّبَيْرُ الْبَصْرِيِّينَ فَقَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ، وَكُلٌّ مِنْهُمْ يَقُولُ: نَحْنُ نَمْنَعُ إِخْوَانَنَا وَنَنْصُرُهُمْ، كَأَنَّمَا كَانُوا عَلَى مِيعَادٍ. فَقَالَ لَهُمْ عَلِيٌّ: كَيْفَ عَلِمْتُمْ يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ وَيَا أَهْلَ الْبَصْرَةِ بِمَا لَقِيَ أَهْلُ مِصْرَ وَقَدْ سِرْتُمْ مَرَاحِلَ حَتَّى رَجَعْتُمْ عَلَيْنَا؟ هَذَا وَاللَّهِ أَمْرٌ أُبْرِمَ بِلَيْلٍ! فَقَالُوا: ضَعُوهُ كَيْفَ شِئْتُمْ، لَا حَاجَةَ لَنَا فِي هَذَا الرَّجُلِ - لِيَعْتَزِلْ عَنَّا. وَعُثْمَانُ يُصَلِّي بِهِمْ وَهُمْ يُصَلُّونَ خَلْفَهُ، وَهُمْ أَدَقُّ فِي عَيْنِهِ مِنَ التُّرَابِ، وَكَانُوا يَمْنَعُونَ النَّاسَ مِنَ الِاجْتِمَاعِ.

وَكَتَبَ عُثْمَانُ إِلَى أَهْلِ الْأَمْصَارِ يَسْتَنْجِدُهُمْ وَيَأْمُرُهُمْ بِالْحَثِّ لِلْمَنْعِ عَنْهُ، وَيُعَرِّفُهُمْ مَا النَّاسُ فِيهِ. فَخَرَجَ أَهْلُ الْأَمْصَارِ عَلَى الصَّعْبِ وَالذَّلُولِ، فَبَعَثَ مُعَاوِيَةُ حَبِيبَ بْنَ مَسْلَمَةَ الْفِهْرِيَّ، وَبَعَثَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ مُعَاوِيَةَ بْنَ حُدَيْجٍ، وَخَرَجَ مِنَ الْكُوفَةِ الْقَعْقَاعُ بْنُ عَمْرٍو وَقَامَ بِالْكُوفَةِ نَفَرٌ يَحُضُّونَ عَلَى إِعَانَةِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، مِنْهُمْ: عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي أَوْفَى، وَحَنْظَلَةُ الْكَاتِبُ، وَغَيْرُهُمْ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِنَ التَّابِعِينَ: مَسْرُوقٌ،

<<  <  ج: ص:  >  >>