للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّفَرِ، فَقَامَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ: إِنَّكُمْ قَدْ عَلِمْتُمْ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ كَانَ النَّاسُ يَتَغَالَبُونَ عَلَيْهِ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانُوا يَتَفَاضَلُونَ بِالسَّابِقَةِ وَالْقُدْمَةِ وَالِاجْتِهَادِ، فَإِنْ أَخَذُوا بِذَلِكَ فَالْأَمْرُ أَمْرُهُمْ وَالنَّاسُ لَهُمْ تَبَعٌ، وَإِنْ طَلَبُوا الدُّنْيَا بِالتَّغَالُبِ سُلِبُوا ذَلِكَ وَرَدَّهُ اللَّهُ إِلَى غَيْرِهِمْ، وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى الْبَدَلِ لَقَادِرٌ، وَإِنِّي قَدْ خَلَفْتُ فِيكُمْ شَيْخًا فَاسْتَوْصُوا بِهِ خَيْرًا وَكَانِفُوهُ تَكُونُوا أَسْعَدَ مِنْهُ بِذَلِكَ. ثُمَّ وَدَّعَهُمْ وَمَضَى. فَقَالَ عَلِيٌّ: [مَا] كُنْتُ أَرَى فِي هَذَا خَيْرًا. فَقَالَ الزُّبَيْرُ: وَاللَّهِ مَا كَانَ قَطُّ أَعْظَمَ فِي صَدْرِكَ وَصُدُورِنَا مِنْهُ الْيَوْمَ.

وَاتَّعَدَ الْمُنْحَرِفُونَ عَنْ عُثْمَانَ يَوْمًا يَخْرُجُونَ فِيهِ بِالْأَمْصَارِ جَمِيعًا إِذَا سَارَ عَنْهَا الْأُمَرَاءُ، فَلَمْ يَتَهَيَّأْ لَهُمْ ذَلِكَ، وَلَمَّا رَجَعَ الْأُمَرَاءُ وَلَمْ يَتِمَّ لَهُمُ الْوُثُوبُ صَارُوا يُكَاتِبُونَ فِي الْقُدُومِ إِلَى الْمَدِينَةِ، لِيَنْظُرُوا فِيمَا يُرِيدُونَ وَيَسْأَلُوا عُثْمَانَ عَنْ أَشْيَاءَ لِتَطِيرَ فِي النَّاسِ. وَكَانَ بِمِصْرَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ أَبِي حُذَيْفَةَ يُحَرِّضَانِ عَلَى عُثْمَانَ.

فَلَمَّا خَرَجَ الْمِصْرِيُّونَ خَرَجَ فِيهِمْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عُدَيْسٍ الْبَلَوِيُّ فِي خَمْسِمِائَةٍ، وَقِيلَ: فِي أَلْفٍ، وَفِيهِمْ كِنَانَةُ بْنُ بِشْرٍ اللَّيْثِيُّ، وَسَوْدَانُ بْنُ حُمْرَانَ السَّكُونِيُّ، وَقُتَيْرَةُ بْنُ فُلَانٍ السَّكُونِيُّ، وَعَلَيْهِمْ جَمِيعًا الْغَافِقِيُّ بْنُ حَرْبٍ الْعَكِّيُّ، وَخَرَجَ أَهْلُ الْكُوفَةِ وَفِيهِمْ زَيْدُ بْنُ صُوحَانَ الْعَبْدِيُّ، وَالْأَشْتَرُ النَّخَعِيُّ، وَزِيَادُ بْنُ النَّضْرِ الْحَارِثِيُّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَصَمِّ الْعَامِرِيُّ، وَهُمْ فِي عِدَادِ أَهْلِ مِصْرَ، وَخَرَجَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ فِيهِمْ حُكَيْمُ بْنُ جَبَلَةَ الْعَبْدِيُّ، وَذُرَيْحُ بْنُ عَبَّادٍ، وَبِشْرُ بْنُ شُرَيْحٍ الْقَيْسِيُّ، وَابْنُ الْمُحْتَرِشِ، وَهُمْ بِعِدَادِ أَهْلِ مِصْرَ، وَأَمِيرُهُمْ حُرْقُوصُ بْنُ زُهَيْرٍ السَّعْدِيُّ، فَخَرَجُوا جَمِيعًا فِي شَوَّالٍ وَأَظْهَرُوا أَنَّهُمْ يُرِيدُونَ الْحَجَّ، فَلَمَّا كَانُوا مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى ثَلَاثٍ، تَقَدَّمَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ فَنَزَلُوا ذَا خُشُبٍ، وَكَانَ هَوَاهُمْ فِي طَلْحَةَ، وَتَقَدَّمَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَكَانَ هَوَاهُمْ فِي الزُّبَيْرِ، وَتَرَكُوا الْأَعْوَصَ، وَجَاءَهُمْ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ، وَكَانَ هَوَاهُمْ فِي عَلِيٍّ، وَنَزَلُوا عَامَّتُهُمْ بِذِي الْمَرْوَةِ، وَمَشَى فِيمَا بَيْنَ أَهْلِ مِصْرَ وَأَهْلِ الْبَصْرَةِ زِيَادُ بْنُ النَّضْرِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْأَصَمِّ وَقَالَا لَهُمْ: لَا تَعْجَلُوا حَتَّى نَدْخُلَ الْمَدِينَةَ وَنَرْتَادَ لَكُمْ، فَقَدْ بَلَغَنَا أَنَّهُمْ عَسْكَرُوا لَنَا، فَوَاللَّهِ إِنْ كَانَ هَذَا حَقًّا وَاسْتَحَلُّوا قِتَالَنَا بَعْدَ عِلْمِ حَالِنَا إِنَّ أَمْرَنَا لَبَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي بَلَغَنَا بَاطِلًا رَجَعْنَا إِلَيْكُمْ بِالْخَبَرِ. قَالُوا: اذْهَبَا. فَذَهَبَا فَدَخَلَا الْمَدِينَةَ فَلَقِيَا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَعَلِيًّا وَطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ، فَقَالَا: إِنَّمَا نُرِيدُ هَذَا الْبَيْتَ وَنَسْتَعْفِي مِنْ بَعْضِ عُمَّالِنَا، وَاسْتَأْذَنَاهُمْ فِي الدُّخُولِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>