وَثَبَ غُلَامٌ لِعُثْمَانَ عَلَى قُتَيْرَةَ فَقَتَلَهُ، وَثَارَ الْقَوْمُ فَأَخَذُوا مَا وَجَدُوا حَتَّى أَخَذُوا مَا عَلَى النِّسَاءِ، وَأَخَذَ كُلْثُومٌ التُّجِيبِيُّ مُلَاءَةً مِنْ عَلَى نَائِلَةَ، فَضَرَبَهُ غُلَامٌ لِعُثْمَانَ فَقَتَلَهُ، وَتَنَادَوْا: أَدْرِكُوا بَيْتَ الْمَالِ وَلَا تُسْبَقُوا إِلَيْهِ، فَسَمِعَ أَصْحَابُ بَيْتِ الْمَالِ كَلَامَهُمْ وَلَيْسَ فِيهِ إِلَّا غِرَارَتَانِ، فَقَالُوا: النَّجَاءَ فَإِنَّ الْقَوْمَ إِنَّمَا يُحَاوِلُونَ الدُّنْيَا! فَهَرَبُوا، وَأَتَوْا بَيْتَ الْمَالِ فَانْتَهَبُوهُ وَمَاجَ النَّاسُ.
وَقِيلَ إِنَّهُمْ نَدِمُوا عَلَى قَتْلِهِ. وَأَمَّا عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ فَوَثَبَ عَلَى صَدْرِهِ وَبِهِ رَمَقٌ فَطَعَنَهُ تِسْعَ طَعَنَاتٍ، قَالَ: فَأَمَّا ثَلَاثٌ مِنْهَا فَإِنِّي طَعَنْتُهُنَّ إِيَّاهُ لِلَّهِ - تَعَالَى - وَأَمَّا سِتٌّ فَلِمَا كَانَ فِي صَدْرِي عَلَيْهِ. وَأَرَادُوا قَطْعَ رَأْسِهِ فَوَقَعَتْ نَائِلَةُ عَلَيْهِ وَأُمُّ الْبَنِينَ، فَصَاحَتَا وَضَرَبَتَا الْوُجُوهَ. فَقَالَ ابْنُ عُدَيْسٍ: اتْرُكُوهُ. وَأَقْبَلَ عُمَيْرُ بْنُ ضَابِئٍ فَوَثَبَ عَلَيْهِ، فَكَسَرَ ضِلَعًا مِنْ أَضْلَاعِهِ وَقَالَ: سَجَنْتَ أَبِي حَتَّى مَاتَ فِي السِّجْنِ.
وَكَانَ قَتْلُهُ لِثَمَانِيَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَكَانَتْ خِلَافَتُهُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً إِلَّا اثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا، وَقِيلَ: إِلَّا ثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ، وَقِيلَ: بَلْ كَانَ قَتْلُهُ لِثَمَانِيَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ، وَقِيلَ: بَلْ قُتِلَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَكَانَ عُمُرُهُ اثْنَتَيْنِ وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَقِيلَ: ثَمَانِيًا وَثَمَانِينَ سَنَةً، وَقِيلَ: تِسْعِينَ سَنَةً، وَقِيلَ: خَمْسًا وَسَبْعِينَ سَنَةً، وَقِيلَ: سِتًّا وَثَمَانِينَ سَنَةً.
ذكر الْمَوْضِعِ الَّذِي دُفِنَ فِيهِ وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهِ
قِيلَ: بَقِيَ عُثْمَانُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَا يُدْفَنُ، ثُمَّ إِنَّ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ الْقُرَشِيَّ، وَجُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ كَلَّمَا عَلِيًّا فِي أَنْ يَأْذَنَ فِي دَفْنِهِ، فَفَعَلَ، فَلَمَّا سَمِعَ مَنْ قَصَدَهُ بِذَلِكَ قَعَدُوا لَهُ فِي الطَّرِيقِ بِالْحِجَارَةِ، وَخَرَجَ بِهِ نَاسٌ يَسِيرٌ مَنْ أَهْلِهِ وَغَيْرِهِمْ، وَفِيهِمُ الزُّبَيْرُ، وَالْحَسَنُ، وَأَبُو جَهْمِ بْنُ حُذَيْفَةَ، وَمَرْوَانُ، بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ، فَأَتَوْا بِهِ حَائِطًا مِنْ حِيطَانِ الْمَدِينَةِ يُسَمَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute