للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْجُلَاهِقَاتِ، وَهِيَ قَوْسُ الْبُنْدُقِ، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهَا عُثْمَانُ رَجُلًا مِنْ بَنِي لَيْثٍ سَنَةَ ثَمَانٍ مِنْ خِلَافَتِهِ، فَقَصَّ الطُّيُورَ وَكَسَّرَ الْجُلَاهِقَاتِ.

قِيلَ: وَسَأَلَ رَجُلٌ سَعِيدَ بْنَ الْمُسَيَّبِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حُذَيْفَةَ مَا دَعَاهُ إِلَى الْخُرُوجِ عَلَى عُثْمَانَ، فَقَالَ: كَانَ يَتِيمًا فِي حِجْرِ عُثْمَانَ، وَكَانَ وَالِيَ أَيْتَامِ أَهْلِ بَيْتِهِ وَمُحْتَمِلًا كَلَّهُمْ، فَسَأَلَ عُثْمَانَ الْعَمَلَ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّ لَوْ كُنْتَ رِضًا لَاسْتَعْمَلْتُكَ. قَالَ فَأْذَنْ لِي فَأَخْرُجَ فَأَطْلُبَ الرِّزْقَ. قَالَ: اذْهَبْ حَيْثُ شِئْتَ، وَجَهَّزَهُ مِنْ عِنْدِهِ وَحَمَلَهُ وَأَعْطَاهُ، فَلَمَّا وَقَعَ إِلَى مِصْرَ كَانَ فِيمَنْ أَعَانَ عَلَيْهِ حِينَ مَنَعَهُ الْإِمَارَةَ. قَالَ: وَعَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ؟ قَالَ: كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَبَّاسِ بْنِ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ كَلَامٌ فَضَرَبَهُمَا عُثْمَانُ فَأَوْرَثَ ذَلِكَ تَعَادِيًا بَيْنَ أَهْلِ عَمَّارٍ وَأَهْلِ عَبَّاسٍ، وَكَانَا تَقَاذَفَا.

قِيلَ: سُئِلَ سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ مَا دَعَاهُ إِلَى رُكُوبِ عُثْمَانَ. قَالَ: الْغَضَبُ وَالطَّمَعُ، كَانَ مِنَ الْإِسْلَامِ بِمَكَانٍ فَغَرَّهُ أَقْوَامٌ فَطَمِعَ، وَكَانَتْ لَهُ دَالَّةٌ فَلَزِمَهُ حَقٌّ، فَأَخَذَهُ عُثْمَانُ مِنْ ظَهْرِهِ، فَاجْتَمَعَ هَذَا إِلَى ذَلِكَ فَصَارَ مُذَمَّمًا بَعْدَ أَنْ كَانَ مُحَمَّدًا. قِيلَ: وَاسْتَخَفَّ رَجُلٌ بِالْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَضَرَبَهُ عُثْمَانُ فَاسْتَحْسَنَ مِنْهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: أَيُفَخِّمُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَمَّهُ وَأُرَخِّصُ فِي الِاسْتِخْفَافِ بِهِ! لَقَدْ خَالَفَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَرَضِيَ بِهِ. قِيلَ: وَكَانَ كَعْبُ بْنُ ذِي الْحَبَكَةِ النَّهْدَيُّ يَلْعَبُ بِالنَّارِنْجِيَّاتِ، فَبَلَغَ عُثْمَانَ، فَكَتَبَ إِلَى الْوَلِيدِ أَنْ يُوجِعَهُ ضَرْبًا، فَعَزَّرَهُ وَأَخْبَرَ النَّاسَ خَبَرَهُ، وَقَرَأَ عَلَيْهِمْ كِتَابَ عُثْمَانَ، وَفِيهِ: إِنَّهُ قَدْ جُدَّ بِكُمْ فَجِدُّوا وَإِيَّاكُمْ وَالْهَزْلَ. فَغَضِبَ كَعْبٌ وَكَانَ فِي الَّذِينَ خَرَجُوا عَلَيْهِ، وَكَانَ سَيْرُهُ إِلَى دُنْبَاوَنْدَ، فَقَالَ فِي ذَلِكَ لِلْوَلِيدِ:

لَعَمْرِي لَئِنْ طَرَدْتَنِي مَا إِلَى الَّتِي ... طَمِعْتَ بِهَا مِنْ سَقْطَتِي لَسَبِيلُ

رَجَوْتُ رُجُوعِي يَا ابْنَ أَرْوَى وَرَجْعَتِي ... إِلَى الْحَقِّ دَهْرًا، غَالَ ذَلِكَ غُولُ

فَإِنَّ اغْتِرَابِي فِي الْبِلَادِ وَجَفْوَتِي ... وَشَتْمِي فِي ذَاتِ الْإِلَهِ قَلِيلُ

<<  <  ج: ص:  >  >>