وَإِنَّ دُعَائِي كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ
عَلَيْكَ بِدُنْبَاوَنْدِكُمْ لَطَوِيلُ
قَالَ: وَأَمَّا ضَابِئُ بْنُ الْحَرْثِ الْبَرْجَمِيُّ فَإِنَّهُ اسْتَعَارَ فِي زَمَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ مِنْ قَوْمٍ مِنَ الْأَنْصَارِ كَلْبًا يُدْعَى قَرْحَانَ يَصِيدُ الظِّبَاءَ فَحَبَسَهُ عَنْهُمْ، فَانْتَزَعَهُ الْأَنْصَارِيُّونَ مِنْهُ قَهْرًا، فَهَجَاهُمْ وَقَالَ:
تَجَشَّمَ دُونِي وَفْدُ قَرْحَانَ خُطَّةً ... تُضِلُّ لَهَا الْوَجْنَاءُ وَهِيَ حَسِيرُ
فَبَاتُوا شِبَاعًا طَاعِمِينَ كَأَنَّمَا ... حَبَاهُمْ بِبَيْتِ الْمَرْزُبَانِ أَمِيرُ
فَكَلْبُكُمُ لَا تَتْرُكُوا فَهُوَ أُمُّكُمْ ... فَإِنَّ عُقُوقَ الْأُمَّهَاتِ كَبِيرُ
فَاسْتَعْدُوا عَلَيْهِ عُثْمَانَ، فَعَزَّرَهُ وَحَبَسَهُ، فَمَا زَالَ فِي السِّجْنِ حَتَّى مَاتَ فِيهِ.
وَقَالَ فِي الْفَتْكِ مُعْتِذَرًا إِلَى أَصْحَابِهِ:
هَمَمْتُ وَلَمْ أَفْعَلْ وَكِدْتُ وَلَيْتَنِي ... تَرَكْتُ عَلَى عُثْمَانَ تَبْكِي حَلَائِلُهْ
وَقَائِلَةٍ قَدْ مَاتَ فِي السِّجْنِ ضَابِئٌ ... أَلَا مَنْ لِخَصْمٍ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُجَادِلُهْ
فَلِذَلِكَ صَارَ ابْنُهُ عُمَيْرٌ سَبَئِيًّا. قَالَ: وَأَمَّا كُمَيْلُ بْنُ زِيَادٍ وَعُمَيْرُ بْنُ ضَابِئٍ فَإِنَّهُمَا سَارَا إِلَى الْمَدِينَةِ لِقَتْلِ عُثْمَانَ، فَأَمَّا عُمَيْرٌ فَإِنَّهُ نَكَلَ عَنْهُ، وَأَمَّا كُمَيْلٌ فَإِنَّهُ جَسَرَ وَثَاوَرَهُ، فَوَجَأَ عُثْمَانُ وَجْهَهُ فَوَقَعَ عَلَى اسْتِهِ فَقَالَ: أَوْجَعْتَنِي يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! فَقَالَ: أَوَلَسْتَ بِفَاتِكٍ؟ قَالَ: لَا وَاللَّهِ. فَقَالَ عُثْمَانُ: فَاسْتَقِدْ مِنِّي، وَقَالَ: دُونَكَ. فَعَفَا عَنْهُ، وَبَقِيَا إِلَى أَيَّامِ الْحَجَّاجِ فَقَتَلَهُمَا، وَسَيَرِدُ ذِكْرُ ذَلِكَ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -.
قِيلَ: وَكَانَ لِعُثْمَانَ عَلَى طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ خَمْسُونَ أَلْفًا، فَقَالَ لَهُ يَوْمًا: قَدْ تَهَيَّأَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute