مَالُكَ فَاقْبِضْهُ. قَالَ: هُوَ لَكَ مَعُونَةٌ عَلَى مُرُوءَتِكَ. قِيلَ: فَلَمَّا حُصِرَ عُثْمَانُ قَالَ عَلِيٌّ لِطَلْحَةَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ أَلَا رَدَدْتَ النَّاسَ عَنْ عُثْمَانَ! قَالَ: لَا وَاللَّهِ حَتَّى تُعْطِيَنِي بَنُو أُمَيَّةَ الْحَقَّ مِنْ أَنْفُسِهَا.
وَكَانَ عُثْمَانُ يُلَقَّبُ ذَا النُّورَيْنِ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ ابْنَتَيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: اسْتَعْمَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَامِرٍ قَطَنَ بْنَ عَبْدِ عَوْفٍ عَلَى كِرْمَانَ، فَأَقْبَلَ جَيْشٌ لِلْمُسْلِمِينَ فَمَنَعَهُمْ سَيْلٌ فِي وَادٍ مِنَ الْعُبُورِ، وَخَشِيَ قَطَنٌ الْفَوْتَ فَقَالَ: مَنْ عَبَرَ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ. فَحَمَلُوا أَنْفُسَهُمْ وَعَبَرُوا، وَكَانُوا أَرْبَعَةَ آلَافٍ، فَأَعْطَاهُمْ أَرْبَعَةَ آلَافِ أَلْفِ دِرْهَمٍ، فَأَبَى ابْنُ عَامِرٍ أَنْ يُجْرِيَ ذَلِكَ لَهُ وَكَتَبَ إِلَى عُثْمَانَ، فَكَتَبَ عُثْمَانُ: أَنِ احْبِسْهَا لَهُ فَإِنَّهُ إِنَّمَا أَعَانَ بِهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَلِذَلِكَ سُمِّيَتِ الْجَوَائِزُ لِإِجَازَةِ الْوَادِي.
وَقَالَ حَسَّانُ بْنُ زَيْدٍ: سَمِعْتُ عَلِيًّا وَهُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ وَيَقُولُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّكُمْ تُكْثِرُونَ فِيَّ وَفِي عُثْمَانَ، فَإِنَّ مِثْلِي وَمِثْلَهُ كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الحجر: ٤٧] . وَقَالَ أَبُو حُمَيْدٍ السَّاعِدِيُّ - وَهُوَ بَدْرِيٌّ وَكَانَ مُجَانِبًا لِعُثْمَانَ - فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ قَالَ: وَاللَّهِ مَا أَرَدْنَا قَتْلَهُ، اللَّهُمَّ لَكَ عَلَيَّ أَنْ لَا أَفْعَلَ كَذَا وَكَذَا وَلَا أَضْحَكَ حَتَّى أَلْقَاكَ.
ذكر نَسَبِهِ وَصِفَتِهِ وَكُنْيَتِهِ
أَمَّا نَسَبُهُ فَهُوَ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَأُمُّهُ أَرْوَى بِنْتُ كُرَيْزِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ حَبِيبِ بْنِ عَبْدِ شَمْسِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ، وَأُمُّهَا أُمُّ حَكِيمٍ بِنْتُ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.
وَأَمَّا صِفَتُهُ فَإِنَّهُ كَانَ رَجُلًا لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلَا بِالْقَصِيرِ، حَسَنَ الْوَجْهِ، رَقِيقَ الْبَشْرَةِ، بِوَجْهِهِ أَثَرُ جُدَرِيٍّ، كَبِيرَ اللِّحْيَةِ عَظِيمَهَا، أَسْمَرَ اللَّوْنِ، أَصْلَعَ، عَظِيمَ الْكَرَادِيسِ، عَظِيمَ مَا بَيْنَ الْمَنْكِبَيْنِ، يُصَفِّرُ لِحْيَتَهُ، وَقِيلَ كَانَ كَثِيرَ شَعْرِ الرَّأْسِ، أَرْوَحَ الرِّجْلَيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute