مُلْكٍ وَدُنْيَا وَكَانَ صَاحِبِي لَا يَأْتِي النِّسَاءَ وَكُنْتَ كَمَا جَعَلَكَ اللَّهُ فِي حُسْنِكَ فَغَلَبَتْنِي نَفْسِي. وَوَجَدَهَا بِكْرًا، فَوَلَدَتْ لَهُ وَلَدَيْنِ إِفْرَائِيمَ وَمَنْشَا.
فَلَمَّا وَلِيَ يُوسُفُ خَزَائِنَ أَرْضِهِ وَمَضَتِ السِّنُونَ السَّبْعُ الْمُخْصِبَاتُ وَجَمَعَ فِيهَا الطَّعَامَ فِي سُنْبُلِهِ وَدَخَلَتِ السِّنُونَ الْمُجْدِبَةُ وَقَحَطَ النَّاسُ، وَأَصَابَهُمُ الْجُوعُ، وَأَصَابَ بِلَادَ يَعْقُوبَ الَّتِي هُوَ بِهَا بَعَثَ بَنِيهِ إِلَى مِصْرَ وَأَمْسَكَ بِنْيَامِينَ أَخَا يُوسُفَ لِأُمِّهِ، فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ عَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ، وَإِنَّمَا أَنْكَرُوهُ لِبُعْدِ عَهْدِهِمْ مِنْهُ وَلِتَغَيُّرِ لُبْسَتِهِ، فَإِنَّهُ لَبِسَ ثِيَابَ الْمُلُوكِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمْ قَالَ: أَخْبِرُونِي مَا شَأْنُكُمْ. قَالُوا: نَحْنُ مِنَ الشَّامِ جِئْنَا نَمْتَارُ الطَّعَامَ. قَالَ: كَذَبْتُمْ، أَنْتُمْ عُيُونٌ، فَأَخْبِرُونِي خَبَرَكُمْ. قَالُوا: نَحْنُ عَشَرَةُ أَوْلَادِ رَجُلٍ وَاحِدٍ صِدِّيقٍ، كُنَّا اثْنَيْ عَشَرَ، وَإِنَّهُ كَانَ لَنَا أَخٌ فَخَرَجَ مَعَنَا فِي الْبَرِّيَّةِ فَهَلَكَ، وَكَانَ أَحَبَّنَا إِلَى أَبِينَا. قَالَ: فَإِلَى مَنْ سَكَنَ أَبُوكُمْ بَعْدَهُ؟ قَالُوا: إِلَى أَخٍ لَنَا أَصْغَرَ مِنْهُ. قَالَ: فَأْتُونِي بِهِ أَنْظُرْ إِلَيْهِ {فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ - قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ} [يوسف: ٦٠ - ٦١] . قَالَ: فَاجْعَلُوا بَعْضَكُمْ عِنْدِي رَهِينَةً حَتَّى تَرْجِعُوا. فَوَضَعُوا شَمْعُونَ، أَصَابَتْهُ الْقُرْعَةُ، وَجَهَّزَهُمْ يُوسُفُ بِجَهَازِهِمْ، وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ: اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ، يَعْنِي ثَمَنَ الطَّعَامِ، فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ، لَمَّا عَلِمَ أَنَّ أَمَانَتَهُمْ وَدِيَانَتَهُمْ تَحْمِلُهُمْ عَلَى رَدِّ الْبِضَاعَةِ فَيَرْجِعُونَ إِلَيْهِ لِأَجْلِهَا.
وَقِيلَ: رَدَّ مَالَهُمْ لِأَنَّهُ خَشِيَ أَنْ لَا يَكُونَ عِنْدَ أَبِيهِ مَا يَرْجِعُونَ بِهِ مَرَّةً أُخْرَى، فَإِذَا رَأَوْا مَعَهُمْ بِضَاعَةً عَادُوا. وَكَانَ يُوسُفُ حِينَ رَأَى مَا بِالنَّاسِ مِنَ الْجُهْدِ قَدْ أَسَى بَيْنَهُمْ، وَكَانَ لَا يَحْمِلُ لِلرَّجُلِ إِلَّا بَعِيرًا.
فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ بِأَحْمَالِهِمْ قَالُوا: يَا أَبَانَا إِنَّ عَزِيزَ مِصْرَ قَدْ أَكْرَمَنَا كَرَامَةً لَوْ أَنَّهُ بَعْضُ أَوْلَادِ يَعْقُوبَ مَا زَادَ عَلَى كَرَامَتِهِ، وَإِنَّهُ ارْتَهَنَ شَمْعُونَ، وَقَالَ: ائْتُونِي بِأَخِيكُمُ الَّذِي عَطَفَ عَلَيْهِ أَبُوكُمْ بَعْدَ أَخِيكُمْ، {فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ} [يوسف: ٦٠] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute