أَمْرِهِمَا وَجَلِيلِهِ وَقَالَ لَهُ: أَمَّا الزُّبَيْرُ فَيَقُولُ: بَايَعْنَا كَرْهًا، وَأَمَّا طَلْحَةُ فَيَتَمَثَّلُ الْأَشْعَارَ، وَيَقُولُ:
أَلَا أَبْلِغْ بَنِي بَكْرٍ رَسُولًا ... فَلَيْسَ إِلَى بَنِي كَعْبٍ سَبِيلُ
سَيَرْجِعُ ظُلْمُكُمْ مِنْكُمْ عَلَيْكُمْ ... طَوِيلَ السَّاعِدَيْنِ لَهُ فُضُولُ
فَتَمَثَّلَ عَلِيٌّ عِنْدَهَا:
أَلَمْ تَعْلَمْ أَبَا سِمْعَانَ أَنَّا ... نَرُدُّ الشَّيْخَ مِثْلَكَ ذَا الصُّدَاعِ
وَيَذْهَلُ عَقْلُهُ بِالْحَرْبِ حَتَّى ... يَقُومَ فَيَسْتَجِيبُ لِغَيْرِ دَاعٍ
فَدَافَعَ عَنْ خُزَاعَةَ جَمْعُ بَكْرٍ ... وَمَا بِكَ يَا سُرَاقَةَ مِنْ دِفَاعِ
وَرَجَعَتْ وُفُودُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ بِرَأْيِ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَرَجَعَ الْقَعْقَاعُ مِنَ الْبَصْرَةِ، فَقَامَ عَلِيٌّ خَطِيبًا فَحَمِدَ اللَّهَ، وَذَكَرَ الْجَاهِلِيَّةَ وَشَقَاءَهَا، وَالْإِسْلَامَ وَالسَّعَادَةَ، وَإِنْعَامَ اللَّهِ عَلَى الْأُمَّةِ بِالْجَمَاعَةِ بِالْخَلِيفَةِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ ثُمَّ الَّذِي يَلِيهِ، ثُمَّ حَدَثَ هَذَا الْحَدَثُ الَّذِي جَرَّهُ عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ أَقْوَامٌ طَلَبُوا هَذِهِ الدُّنْيَا، وَحَسَدُوا مَنْ أَفَاءَهَا اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى الْفَضِيلَةِ، وَأَرَادُوا رَدَّ الْإِسْلَامِ وَالْأَشْيَاءَ عَلَى أَدْبَارِهَا، وَاللَّهُ بَالِغُ أَمْرِهِ. أَلَا وَإِنِّي رَاحِلٌ غَدًا فَارْتَحَلُوا، وَلَا يَرْتَحِلَنَّ أَحَدٌ أَعَانَ عَلَى عُثْمَانَ بِشَيْءٍ مِنْ أُمُورِ النَّاسِ، وَلْيُغْنِ السُّفَهَاءُ عَنِّي أَنْفُسَهُمْ. فَاجْتَمَعَ نَفَرٌ، مِنْهُمْ: عِلْبَاءُ بْنُ الْهَيْثَمِ، وَعَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، وَسَالِمُ بْنُ ثَعْلَبَةَ الْقَيْسِيُّ، وَشُرَيْحُ بْنُ أَوْفَى، وَالْأَشْتَرُ، فِي عِدَّةٍ مِمَّنْ سَارَ إِلَى عُثْمَانَ وَرَضِيَ بِسَيْرِ مَنْ سَارَ، وَجَاءَ مَعَهُمُ الْمُضَرِيُّونَ، وَابْنُ السَّوْدَاءِ، وَخَالِدُ بْنُ مُلْجِمٍ، فَتَشَاوَرُوا فَقَالُوا: مَا الرَّأْيُ؟ وَهَذَا عَلِيٌّ، وَهُوَ وَاللَّهِ أَبْصَرُ بِكِتَابِ اللَّهِ مِمَّنْ يَطْلُبُ قَتَلَةَ عُثْمَانَ، وَأَقْرَبُ إِلَى الْعَمَلِ بِذَلِكَ، وَهُوَ يَقُولُ مَا يَقُولُ، وَلَمْ يَنْفِرْ إِلَيْهِ سِوَاهُمْ وَالْقَلِيلُ مِنْ غَيْرِهِمْ، فَكَيْفَ بِهِ إِذَا شَامَ الْقَوْمَ وَشَامُوهُ، وَرَأَوْا قِلَّتَنَا فِي كَثْرَتِهِمْ، وَأَنْتُمْ وَاللَّهِ تُرَادُونَ وَمَا أَنْتُمْ بِالْحَيِّ مِنْ شَيْءٍ!
فَقَالَ الْأَشْتَرُ: قَدْ عَرَفْنَا رَأْيَ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ فِينَا، وَأَمَّا عَلِيٌّ فَلَمْ نَعْرِفْ رَأْيَهُ إِلَى الْيَوْمِ، وَرَأْيُ النَّاسِ فِينَا وَاحِدٌ، فَإِنْ يَصْطَلِحُوا مَعَ عَلِيٍّ فَعَلَى دِمَائِنَا، فَهَلُمُّوا بِنَا نَثِبُ عَلَى عَلِيٍّ فَنُلْحِقَهُ بِعُثْمَانَ فَتَعُودَ فِتْنَةٌ يُرْضَى مِنَّا فِيهَا بِالسُّكُونِ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ السَّوْدَاءِ: بِئْسَ الرَّأْيُ رَأَيْتَ، أَنْتُمْ يَا قَتَلَةَ عُثْمَانَ بِذِي قَارٍ أَلْفَانِ وَخَمْسُمِائَةٍ، أَوْ نَحْوَ مَنْ سِتِّمِائَةٍ، وَهَذَا ابْنُ الْحَنْظَلِيَّةِ - يَعْنِي طَلْحَةَ - وَأَصْحَابُهُ فِي نَحْوٍ مِنْ خَمْسَةِ آلَافٍ بِالْأَشْوَاقِ إِلَى أَنْ يَجِدُوا إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute