للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِهِمْ عَلِيٌّ وَقَدْ سَبَقَ أَصْحَابَهُ وَهُمْ يَتَلَاحَقُونَ بِهِ. فَلَمَّا نَزَلَ قَالَ أَبُو الْجَرْبَاءِ لِلزُّبَيْرِ: إِنَّ الرَّأْيَ أَنْ تَبْعَثَ أَلْفَ فَارِسٍ إِلَى عَلِيٍّ قَبْلَ أَنْ يُوَافِيَ إِلَيْهِ أَصْحَابُهُ. فَقَالَ: إِنَّا لَنَعْرِفُ أُمُورَ الْحَرْبِ، وَلَكِنَّهُمْ أَهْلُ دَعْوَتِنَا وَهَذَا أَمْرٌ حَدَثٌ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ الْيَوْمِ، مَنْ لَمْ يَلْقَ اللَّهَ فِيهِ بِعُذْرٍ انْقَطَعَ عُذْرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقَدْ فَارَقْنَا وَفْدَهُمْ عَلَى أَمْرٍ، وَأَنَا أَرْجُو أَنْ يَتِمَّ لَنَا الصُّلْحُ، فَأَبْشِرُوا وَاصْبِرُوا. وَأَقْبَلَ صَبْرَةُ بْنُ شَيْمَانَ فَقَالَ لِطَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ: انْتَهِزَا بِنَا هَذَا الرَّجُلَ، فَإِنَّ الرَّأْيَ فِي الْحَرْبِ خَيْرٌ مِنَ الشِّدَّةِ. فَقَالَا: إِنَّ هَذَا أَمْرٌ لَمْ يَكُنْ قَبْلَ الْيَوْمِ فَيَنْزِلَ فِيهِ قُرْآنٌ، أَوْ يَكُونَ فِيهِ سُنَّةٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ زَعَمَ قَوْمٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ تَحْرِيكُهُ، وَهُمْ عَلِيٌّ وَمَنْ مَعَهُ، وَقُلْنَا نَحْنُ: إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتْرُكَهُ وَلَا نُؤَخِّرَهُ، وَقَدْ قَالَ عَلِيٌّ: تَرْكُ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ شَرٌّ وَهُوَ خَيْرٌ مِنْ شَرٍّ مِنْهُ، وَقَدْ كَانَ يَتَبَيَّنُ لَنَا، وَقَدْ جَاءَتِ الْأَحْكَامُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ بِأَعَمِّهَا مَنْفَعَةً. وَقَالَ كَعْبُ بْنُ سُورٍ: يَا قَوْمُ اقْطَعُوا هَذَا الْعُنُقَ مِنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ، فَأَجَابُوهُ بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ. وَقَامَ عَلِيٌّ فَخَطَبَ النَّاسَ، فَقَامَ إِلَيْهِ الْأَعْوَرُ بْنُ بُنَانٍ الْمِنْقَرِيُّ، فَسَأَلَهُ عَنْ إِقْدَامِهِمْ عَلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ، فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ: عَلَى الْإِصْلَاحِ وَإِطْفَاءِ النَّائِرَةِ لَعَلَّ اللَّهَ يَجْمَعُ شَمْلَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِنَا وَيَضَعُ حَرْبَهُمْ. قَالَ: فَإِنْ لَمْ يُجِيبُونَا؟ قَالَ: تَرَكْنَاهُمْ مَا تَرَكُونَا. قَالَ: فَإِنْ لَمْ يَتْرُكُونَا؟ قَالَ: دَفَعْنَاهُمْ عَنْ أَنْفُسِنَا. قَالَ: فَهَلْ لَهُمْ مِنْ هَذَا مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِمْ؟ قَالَ: نَعَمْ.

وَقَامَ إِلَيْهِ أَبُو سَلَامَةَ الدَّالَانِيُّ فَقَالَ: أَتَرَى لِهَؤُلَاءِ الْقَوْمِ حُجَّةً فِيمَا طَلَبُوا مِنْ هَذَا الدَّمِ إِنْ كَانُوا أَرَادُوا اللَّهَ بِذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: أَفْتَرَى لَكَ حُجَّةً بِتَأْخِيرِ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، إِنَّ الشَّيْءَ إِذَا كَانَ لَا يُدْرَكُ فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهِ أَحْوَطُهُ وَأَعَمُّهُ نَفْعًا. قَالَ: فَمَا حَالُنَا وَحَالُهُمْ إِنِ ابْتُلِينَا غَدًا؟ قَالَ: إِنِّي لَأَرْجُوَ أَنْ لَا يُقْتَلَ مِنَّا وَمِنْهُمْ أَحَدٌ نَقَّى قَلْبَهُ لِلَّهِ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ.

وَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: أَيُّهَا النَّاسُ امْلِكُوا عَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ أَيْدِيَكُمْ وَأَلْسِنَتَكُمْ، وَإِيَّاكُمْ أَنْ تَسْبِقُونَا، فَإِنَّ الْمَخْصُومَ غَدًا مَنْ خُصِمَ الْيَوْمَ. وَبَعَثَ إِلَيْهِمْ حَكِيمَ بْنَ سَلَامَةَ، وَمَالِكَ بْنَ حَبِيبٍ: إِنْ كُنْتُمْ عَلَى مَا فَارَقْتُمْ عَلَيْهِ الْقَعْقَاعَ، فَكُفُّوا حَتَّى نَنْزِلَ وَنَنْظُرَ فِي هَذَا الْأَمْرِ. وَخَرَجَ إِلَيْهِ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ وَبَنُو سَعْدٍ مُشَمِّرِينَ قَدْ مَنَعُوا حُرْقُوصَ بْنَ زُهَيْرٍ وَهُمْ مُعْتَزِلُونَ، وَكَانَ الْأَحْنَفُ قَدْ بَايَعَ عَلِيًّا بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ لِأَنَّهُ كَانَ قَدْ حَجَّ وَعَادَ مِنَ الْحَجِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>