للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَدَيْهَا فَقَالَتْ: مَنِ الْقَوْمُ؟ قَالُوا: بَنُو نَاجِيَةَ. قَالَتْ: بَخٍ بَخٍ، سُيُوفٌ أَبْطَحِيَّةٌ قُرَشِيَّةٌ! فَجَالَدُوا جِلَادًا يُتَفَادَى مِنْهُ. ثُمَّ أَطَافَتْ بِهَا بَنُو ضَبَّةَ فَقَالَتْ: وَيْهًا جَمْرَةَ الْجَمَرَاتِ! فَلَمَّا رَقُّوا خَالَطَهُمْ بَنُو عَدِيِّ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ، وَكَثُرُوا حَوْلَهَا، فَقَالَتْ: مَنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: بَنُو عَدِيٍّ خَالَطْنَا إِخْوَتَنَا، فَأَقَامُوا رَأْسَ الْجَمَلِ وَضَرَبُوا ضَرْبًا شَدِيدًا لَيْسَ بِالتَّعْذِيرِ، وَلَا يَعْدِلُونَ بِالتَّطْرِيفِ، حَتَّى إِذَا كَثُرَ ذَلِكَ، وَظَهَرَ فِي الْعَسْكَرَيْنِ جَمِيعًا رَامُوا الْجَمَلَ وَقَالُوا: لَا يَزَالُ الْقَوْمُ أَوْ يُصْرَعُ الْجَمَلُ، وَصَارَ مُجَنِّبَتَا عَلِيٍّ إِلَى الْقَلْبِ، وَفَعَلَ ذَلِكَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ، وَكَرِهَ الْقَوْمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. وَأَخَذَ عَمِيرَةُ بْنُ يَثْرِبِيٍّ بِرَأْسِ الْجَمَلِ، وَكَانَ قَاضِي الْبَصْرَةِ، قَبْلَ كَعْبِ بْنِ سُورٍ، فَشَهِدَ الْجَمَلَ هُوَ وَأَخُوهُ (عَبْدُ اللَّهِ) ، فَقَالَ عَلِيٌّ: مَنْ يَحْمِلُ عَلَى الْجَمَلِ؟ فَانْتَدَبَ لَهُ هِنْدُ بْنُ عَمْرٍو الْجَمَلِيُّ الْمُرَادِيُّ، فَاعْتَرَضَهُ ابْنُ يَثْرِبِيٍّ فَاخْتَلَفَا ضَرْبَتَيْنِ فَقَتَلَهُ ابْنُ يَثْرِبِيٍّ، ثُمَّ حَمَلَ عِلْبَاءُ بْنُ الْهَيْثَمِ فَاعْتَرَضَهُ ابْنُ يَثْرِبِيٍّ فَقَتَلَهُ، وَقَتَلَ سَيْحَانَ بْنَ صُوحَانَ، وَارْتُثَّ صَعْصَعَةُ، وَقَالَ ابْنُ يَثْرِبِيٍّ:

أَنَا لِمَنْ يُنْكِرُنِي ابْنُ يَثْرِبِي ... قَاتِلُ عِلْبَاءَ وَهِنْدِ الْجَمَلِي

وَابْنٍ لِصُوحَانَ عَلَى دِينِ عَلِي

وَقَالَ ابْنُ يَثْرِبِيٍّ أَيْضًا

أَضْرِبُهُمْ وَلَا أَرَى أَبَا حَسَنْ ... كَفَى بِهَذَا حَزَنًا مِنَ الْحَزَنْ

إِنَّا نُمِرُّ الْأَمْرَ إِمْرَارَ الرَّسَنْ

فَنَادَاهُ عَمَّارٌ: لَقَدْ عُذْتَ بِحُرَيْزٍ، وَمَا إِلَيْكَ مِنْ سَبِيلٍ، فَإِنْ كُنْتَ صَادِقًا فَاخْرُجْ مِنْ هَذِهِ الْكَتِيبَةِ إِلَيَّ. فَتَرَكَ الزِّمَامَ فِي يَدِ رَجُلٍ مِنْ بَنِي عَدِيٍّ، حَتَّى إِذَا كَانَ بَيْنَ الصَّفَّيْنِ تَقَدَّمَ عَمَّارٌ، وَهُوَ ابْنُ تِسْعِينَ سَنَةً، وَقِيلَ أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ، عَلَيْهِ فَرْوٌ قَدْ شَدَّ وَسَطَهُ بِحَبْلِ لِيفٍ، وَهُوَ أَضْعَفُ مِنْ مُبَارِزِهِ، وَاسْتَرْجَعَ النَّاسُ وَقَالُوا: هَذَا لَاحِقٌ بِأَصْحَابِهِ، وَضَرَبَهُ ابْنُ يَثْرِبِيٍّ فَاتَّقَاهُ عَمَّارٌ بِدَرَقَتِهِ فَنَشِبَ سَيْفُهُ فِيهَا فَلَمْ يَخْرُجْ، وَأَسَفَّ عَمَّارٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>