وَإِنَّمَا تَمَثَّلَهَا، وَقَالَ ابْنُ أَبِي نَمِرَانِ الْهَمْدَانِيُّ:
جَرَّدْتُ سَيْفِي فِي رِجَالِ الْأَزْدِ ... أَضْرِبُ فِي كَهَوْلِهِمْ وَالْمُرْدِ
كُلَّ طَوِيلِ السَّاعِدَيْنِ نَهْدِ
وَرَجَعَتْ رَبِيعَةُ الْكُوفَةَ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَقُتِلَ عَلَى رَايَتِهِمْ، وَهُمْ فِي الْمَيْسَرَةِ: زَيْدٌ، وَعَبْدُ بْنِ رَقَبَةَ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ رَاشِدِ بْنِ سَلْمَى وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ هَدَيْتَنَا مِنَ الضَّلَالَةِ، وَاسْتَنْقَذْتَنَا مِنَ الْجَهَالَةِ، وَابْتَلَيْتَنَا بِالْفِتْنَةِ، فَكُنَّا فِي شُبْهَةٍ وَعَلَى رِيبَةٍ وَقَتْلٍ. وَاشْتَدَّ الْأَمْرُ حَتَّى لَزِقَتْ مَيْمَنَةُ أَهْلِ الْكُوفَةِ بِقَلْبِهِمْ وَمَيْسَرَةُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ بِقَلْبِهِمْ، وَمَنَعُوا مَيْمَنَةَ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَنْ يَخْتَلِطُوا بِقَلْبِهِمْ وَإِنْ كَانُوا إِلَى جَنْبِهِمْ، وَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ مَيْسَرَةُ أَهْلِ الْكُوفَةِ بِمَيْمَنَةِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، فَلَمَّا رَأَى الشُّجْعَانُ مِنْ مُضَرِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ الصَّبْرَ تَنَادَوْا: طَرِّفُوا إِذَا فَرَغَ الصَّبْرُ، فَجَعَلُوا يَقْصِدُونَ الْأَطْرَافَ الْأَيْدِي وَالْأَرْجُلَ، فَمَا رُؤِيَ وَقْعَةٌ كَانَتْ أَعْظَمَ مِنْهَا قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا، وَلَا أَكْثَرَ ذَرَاعًا مَقْطُوعَةً وَلَا رِجْلًا مَقْطُوعَةً، وَأُصِيبَتْ يَدُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَتَّابٍ قَبْلَ قَتْلِهِ. فَنَظَرَتْ عَائِشَةُ مِنْ يَسَارِهَا فَقَالَتْ: مَنِ الْقَوْمُ عَنْ يَسَارِي؟ قَالَ صَبْرَةُ بْنُ شَيْمَانَ: بَنُوكِ الْأَزْدُ. فَقَالَتْ: يَا آلَ غَسَّانَ حَافِظُوا الْيَوْمَ [عَلَى] جِلَادِكُمُ الَّذِي كُنَّا نَسْمَعُ بِهِ، وَتَمَثَّلَتْ:
وَجَالَدَ مِنْ غَسَّانَ أَهْلُ حِفَاظِهَا ... وَهِنْبٌ وَأَوْسٌ جَالَدَتْ وَشَبِيبُ
فَكَانَ الْأَزْدُ يَأْخُذُونَ بَعْرَ الْجَمَلِ يَشُمُّونَهُ وَيَقُولُونَ: بَعْرُ جَمَلِ أُمِّنَا رِيحُهُ رِيحُ الْمِسْكِ. وَقَالَتْ لِمَنْ عَنْ يَمِينِهَا: مَنِ الْقَوْمُ عَنْ يَمِينِي؟ قَالُوا: بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ. قَالَتْ: لَكُمْ يَقُولُ الْقَائِلُ:
وَجَاؤُوا إِلَيْنَا فِي الْحَدِيدِ كَأَنَّهُمْ ... مِنِ الْعِزَّةِ الْقَعْسَاءِ بَكْرُ بْنُ وَائِلِ
إِنَّمَا بِإِزَائِكُمْ عَبْدُ الْقَيْسِ. فَاقْتَتَلُوا أَشَدَّ مِنْ قِتَالِهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ. وَأَقْبَلَتْ عَلَى كَتِيبَةٍ بَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute