أَنْ نَأْتِيَهُ بِأَخِينَا إِلَّا أَنْ يُحَاطَ بِنَا، وَمِنْ قَبْلِ هَذِهِ الْمَرَّةِ {مَا فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي} [يوسف: ٨٠] بِالْخُرُوجِ، وَقِيلَ: بِالْحَرْبِ، فَارْجِعُوا إِلَى أَبِيكُمْ فَقُصُّوا عَلَيْهِ خَبَرَكُمْ.
فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى أَبِيهِمْ فَأَخْبَرُوهُ بِخَبَرِ بِنْيَامِينَ وَتَخَلَّفَ شَمْعُونُ {قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا} [يوسف: ٨٣] بِيُوسُفَ وَأَخِيهِ وَشَمْعُونَ، ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهُمْ، وَقَالَ: وَاحُزْنَاهْ عَلَى يُوسُفَ! {وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيمٌ} [يوسف: ٨٤] مَمْلُوءٌ مِنَ الْحُزْنِ وَالْغَيْظِ فَقَالَ لَهُ بَنُوهُ: {تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا} [يوسف: ٨٥]- أَيْ: دَنِفًا - {أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ} [يوسف: ٨٥] . فَأَجَابَهُمْ يَعْقُوبُ فَقَالَ: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [يوسف: ٨٦] مِنْ صِدْقِ رُؤْيَا يُوسُفَ.
وَقِيلَ: بَلَغَ مِنْ وَجْدِ يَعْقُوبَ وَجْدَ سَبْعِينَ مُبْتَلًى، وَأُعْطِيَ عَلَى ذَلِكَ أَجْرَ مِائَةِ شَهِيدٍ.
قِيلَ: دَخَلَ عَلَى يَعْقُوبَ جَارٌ لَهُ فَقَالَ: يَا يَعْقُوبُ، قَدِ انْهَشَمْتَ وَفَنِيتَ وَلَمْ تَبْلُغْ مِنَ السِّنِّ مَا بَلَغَ أَبُوكَ! فَقَالَ: هَشَمَنِي وَأَفْنَانِي مَا ابْتَلَانِي اللَّهُ بِهِ مِنْ هَمِّ يُوسُفَ. فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَتَشْكُونِي إِلَى خَلْقِي؟ قَالَ: يَا رَبِّ خَطِيئَةٌ فَاغْفِرْهَا. قَالَ: قَدْ غَفَرْتُهَا لَكَ. فَكَانَ يَعْقُوبُ إِذَا سُئِلَ بَعْدَ ذَلِكَ قَالَ: {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: ٨٦] فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: لَوْ كَانَا مَيِّتَيْنِ لَأَحْيَيْتُهُمَا لَكَ، إِنَّمَا ابْتَلَيْتُكَ لِأَنَّكَ قَدْ شَوَيْتَ وَقَتَّرْتَ عَلَى جَارِكَ وَلَمْ تُطْعِمْهُ.
وَقِيلَ: كَانَ سَبَبُ ابْتِلَائِهِ أَنَّهُ كَانَ لَهُ بَقَرَةٌ لَهَا عُجُولٌ فَذَبَحَ عُجُولَهَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَهِيَ تَخُورُ فَلَمْ يَرْحَمْهَا يَعْقُوبُ، فَابْتُلِيَ بِفَقْدِ أَعَزِّ وَلَدِهِ عِنْدَهُ، وَقِيلَ: ذَبَحَ شَاةً، فَقَامَ بِبَابِهِ مِسْكِينٌ فَلَمْ يُطْعِمْهُ مِنْهَا، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute