وَقِيلَ: كَانَ إِنَاءً يَشْرَبُ فِيهِ. وَلَمْ يَشْعُرْ أَخُوهُ بِذَلِكَ.
وَقِيلَ: إِنَّ بِنْيَامِينَ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ يُوسُفَ أَخُوهُ قَالَ: لَا أُفَارِقُكَ. قَالَ يُوسُفُ: أَخَافُ غَمَّ أَبَوَيْنَا وَلَا يُمْكِنُنِي حَبْسُكَ إِلَّا بَعْدَ أَنْ أُشْهِرَكَ بِأَمْرٍ فَظِيعٍ. قَالَ: افْعَلْ. قَالَ: فَإِنِّي أَجْعَلُ الصُّوَاعَ فِي رَحْلِكَ، ثُمَّ أُنَادِي عَلَيْكَ بِالسَّرِقَةِ لِآخُذَكَ مِنْهُمْ. قَالَ: افْعَلْ: فَلَمَّا ارْتَحَلُوا {أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسَارِقُونَ} [يوسف: ٧٠] . {قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ عَلِمْتُمْ مَا جِئْنَا لِنُفْسِدَ فِي الْأَرْضِ وَمَا كُنَّا سَارِقِينَ} [يوسف: ٧٣] لِأَنَّنَا رَدَدْنَا ثَمَنَ الطَّعَامِ إِلَى يُوسُفَ. فَلَمَّا قَالُوا ذَلِكَ {قَالُوا فَمَا جَزَاؤُهُ إِنْ كُنْتُمْ كَاذِبِينَ - قَالُوا جَزَاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزَاؤُهُ} [يوسف: ٧٤ - ٧٥] تَأْخُذُونَهُ لَكُمْ. {فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ} [يوسف: ٧٦] فَفَتَّشَهَا {قَبْلَ وِعَاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَهَا مِنْ وِعَاءِ أَخِيهِ} [يوسف: ٧٦] . فَقَالُوا: {إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ} [يوسف: ٧٧] ، يَعْنُونَ يُوسُفَ، وَكَانَتْ سَرِقَتُهُ حِينَ سَرَقَ صَنَمًا لِجَدِّهِ أَبِي أُمِّهِ فَكَسَرَهُ فَعَيَّرُوهُ بِذَلِكَ، وَقِيلَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنَ الْمِنْطَقَةِ.
فَلَمَّا اسْتُخْرِجَتِ السَّرِقَةُ مِنْ رَحْلِ الْغُلَامِ قَالَ إِخْوَتُهُ: يَا بَنِي رَاحِيلَ، لَا يَزَالُ لَنَا مِنْكُمْ بَلَاءٌ! فَقَالَ بِنْيَامِينُ: بَلْ بَنُو رَاحِيلَ مَا يَزَالُ لَهُمْ مِنْكُمْ بَلَاءٌ! وَضَعَ هَذَا الصُّوَاعَ فِي رَحْلِيَ الَّذِي وَضَعَ الدَّرَاهِمَ فِي رِحَالِكُمْ.
فَأَخَذَ يُوسُفُ أَخَاهُ بِحُكْمِ إِخْوَتِهِ، فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُمْ لَا سَبِيلَ لَهُمْ عَلَيْهِ سَأَلُوهُ أَنْ يَتْرُكَهُ لَهُمْ وَ {قَالُوا يَاأَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ} [يوسف: ٧٨] . فَقَالَ: {مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنَا مَتَاعَنَا عِنْدَهُ} [يوسف: ٧٩] . فَلَمَّا أَيِسُوا مِنْ خَلَاصِهِ خَلَصُوا نَجِيًّا لَا يَخْتَلِطُ بِهِمْ غَيْرُهُمْ، فَقَالَ كَبِيرُهُمْ، وَهُوَ شَمْعُونُ: {أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَبَاكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ} [يوسف: ٨٠]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute