فَخَرَجَ جَارِيَةُ، فَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ أَلْفٌ وَسَبْعُمِائَةٍ، فَوَافَوْا عَلِيًّا وَهُمْ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَمِائَتَانِ، فَجَمَعَ إِلَيْهِ رُءُوسَ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَرُءُوسَ الْأَسْبَاعِ وَوُجُوهَ النَّاسِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ أَنْتُمْ إِخْوَانِي وَأَنْصَارِي وَأَعْوَانِي عَلَى الْحَقِّ، وَأَصْحَابِي إِلَى جِهَادِ الْمُحِلِّينَ، بِكُمْ أَضْرِبُ الْمُدْبِرَ، وَأَرْجُو تَمَامَ طَاعَةِ الْمُقْبِلِ، وَقَدِ اسْتَنْفَرْتُ أَهْلَ الْبَصْرَةِ فَأَتَانِي مِنْهُمْ ثَلَاثَةُ آلَافٍ وَمِائَتَانِ، فَلْيَكْتُبْ لِي رَئِيسُ كُلِّ قَبِيلَةٍ مَا فِي عَشِيرَتِهِ مِنَ الْمُقَاتِلَةِ وَأَبْنَاءِ الْمُقَاتِلَةِ الَّذِينَ أَدْرَكُوا الْقِتَالَ وَعُبْدَانَ عَشِيرَتِهِ وَمَوَالِيهِمْ، وَيَرْفَعْ ذَلِكَ إِلَيْنَا.
فَقَامَ إِلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ قَيْسٍ الْهَمْدَانِيُّ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ سَمْعًا وَطَاعَةً، أَنَا أَوَّلُ النَّاسِ أَجَابَ مَا طَلَبْتَ. وَقَامَ مَعْقِلُ بْنُ قَيْسٍ، وَعَدِيُّ بْنُ حَاتِمٍ، وَزِيَادُ بْنُ خَصَفَةَ، وَحُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ، وَأَشْرَافُ النَّاسِ وَالْقَبَائِلِ، فَقَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ، وَكَتَبُوا إِلَيْهِ مَا طَلَبَ، وَأَمَرُوا أَبْنَاءَهُمْ وَعَبِيدَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا مَعَهُمْ، وَلَا يَتَخَلَّفَ مِنْهُمْ مُتَخَلِّفٌ، فَرَفَعُوا إِلَيْهِ أَرْبَعِينَ أَلْفَ مُقَاتِلٍ، وَسَبْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا مِنَ الْأَبْنَاءِ مِمَّنْ أَدْرَكَ، وَثَمَانِيَةَ آلَافٍ مِنْ مَوَالِيهِمْ وَعَبِيدِهِمْ، وَكَانَ جَمِيعُ أَهْلِ الْكُوفَةِ خَمْسَةً وَسِتِّينَ أَلْفًا سِوَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَهُمْ ثَلَاثَةُ آلَافِ وَمِائَتَا رَجُلٍ.
وَكَتَبَ إِلَى سَعْدِ بْنِ مَسْعُودٍ بِالْمَدَائِنِ يَأْمُرُهُ بِإِرْسَالِ مَنْ عِنْدَهُ مِنَ الْمُقَاتِلَةِ.
وَبَلَغَ عَلِيًّا أَنَّ النَّاسَ يَقُولُونَ: لَوْ سَارَ بِنَا إِلَى قِتَالِ هَذِهِ الْحَرُورِيَّةِ، فَإِذَا فَرَغْنَا مِنْهُمْ تَوَجَّهْنَا إِلَى قِتَالِ الْمُحِلِّينَ! فَقَالَ لَهُمْ: بَلَغَنِي أَنَّكُمْ قُلْتُمْ كَيْتَ وَكَيْتَ! وَإِنَّ غَيْرَ هَؤُلَاءِ الْخَارِجِينَ أَهَمُّ إِلَيْنَا! فَدَعُوا ذِكْرَهُمْ، وَسِيرُوا إِلَى قَوْمٍ يُقَاتِلُونَكُمْ، كَيْمَا يَكُونُوا جَبَّارِينَ مُلُوكًا، وَيَتَّخِذُوا عِبَادَ اللَّهِ خَوَلًا. فَنَادَاهُ النَّاسُ: أَنْ سِرْ بِنَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ حَيْثُ أَحْبَبْتَ. وَقَامَ إِلَيْهِ صَيْفِيُّ بْنُ فُسَيْلٍ الشَّيْبَانِيُّ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ نَحْنُ حِزْبُكَ وَأَنْصَارُكَ، نُعَادِي مَنْ عَادَاكَ، وَنُشَايِعُ مَنْ أَنَابَ إِلَى طَاعَتِكَ مَنْ كَانُوا وَأَيْنَمَا كَانُوا، فَإِنَّكَ - إِنْ شَاءَ اللَّهُ - لَنْ تُؤْتَى مِنْ قِلَّةِ عَدَدٍ وَضَعْفِ نِيَّةِ أَتْبَاعٍ.
ذكر قِتَالِ الْخَوَارِجِ
قِيلَ: لَمَّا أَقْبَلَتِ الْخَارِجَةُ مِنَ الْبَصْرَةِ حَتَّى دَنَتْ مِنَ النَّهْرَوَانِ رَأَى عِصَابَةٌ مِنْهُمْ رَجُلًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute