وَوَجَّهَ مُعَاوِيَةُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ أَيْضًا سُفْيَانَ بْنَ عَوْفٍ فِي سِتَّةِ آلَافِ رَجُلٍ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَ هِيتَ فَيَقْطَعَهَا، ثُمَّ يَأْتِيَ الْأَنْبَارَ، (وَالْمَدَائِنَ فَيُوقِعَ بِأَهْلِهَا. فَأَتَى هِيتَ فَلَمْ يَجِدْ بِهَا أَحَدًا، ثُمَّ أَتَى الْأَنْبَارَ) وَفِيهَا مَسْلَحَةٌ لِعَلِيٍّ تَكُونُ خَمْسَمِائَةِ رَجُلٍ، وَقَدْ تَفَرَّقُوا وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا مِائَتَا رَجُلٍ، وَكَانَ سَبَبُ تَفَرُّقِهِمْ أَنَّهُ كَانَ عَلَيْهِمْ كُمَيْلُ بْنُ زِيَادٍ، فَبَلَغَهُ أَنَّ قَوْمًا بِقَرْقِيسْيَا يُرِيدُونَ الْغَارَةَ عَلَى هِيتَ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ بِغَيْرِ أَمْرِ عَلِيٍّ، فَأَتَى أَصْحَابُ سُفْيَانَ وَكُمَيْلٌ غَائِبٌ عَنْهَا، فَأَغْضَبَ ذَلِكَ عَلِيًّا عَلَى كُمَيْلٍ، فَأَتَى إِلَيْهِ يُنْكِرُ ذَلِكَ عَلَيْهِ، وَطَمِعَ سُفْيَانُ فِي أَصْحَابِ عَلِيٍّ لِقِلَّتِهِمْ فَقَاتَلَهُمْ، فَصَبَرَ أَصْحَابُ عَلِيٍّ ثُمَّ قُتِلَ صَاحِبُهُمْ، وَهُوَ أَشْرَسُ بْنُ حَسَّانَ الْبَكْرِيُّ، وَثَلَاثُونَ رَجُلًا، وَاحْتَمَلُوا مَا فِي الْأَنْبَارِ مِنْ أَمْوَالِ أَهْلِهَا، وَرَجَعُوا إِلَى مُعَاوِيَةَ، وَبَلَغَ الْخَبَرُ عَلِيًّا فَأَرْسَلَ فِي طَلَبِهِمْ فَلَمْ يُدْرَكُوا.
وَفِيهَا أَيْضًا وَجَّهَ مُعَاوِيَةُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعَدَةَ بْنَ حَكَمَةَ بْنَ مَالِكِ بْنِ بَدْرٍ الْفَزَارِيَّ فِي أَلْفٍ وَسَبْعِمِائَةِ رَجُلٍ إِلَى تَيْمَاءَ، وَأَمْرَهُ أَنْ يُصَدِّقَ مَنْ مَرَّ بِهِ مِنْ أَهْلِ الْبَوَادِي وَيَقْتُلَ مَنِ امْتَنَعَ، فَفَعَلَ ذَلِكَ، وَبَلَغَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ وَفَعَلَ ذَلِكَ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ بَشَرٌ كَثِيرٌ مِنْ قَوْمِهِ، وَبَلَغَ ذَلِكَ عَلِيًّا فَأَرْسَلَ الْمُسَيَّبَ بْنَ نَجَبَةَ الْفَزَارِيَّ فِي أَلْفَيْ رَجُلٍ، فَلِحِقَ عَبْدَ اللَّهِ بِتَيْمَاءَ، فَاقْتَتَلُوا حَتَّى زَالَتِ الشَّمْسُ قِتَالًا شَدِيدًا، وَحَمَلَ الْمُسَيَّبُ عَلَى ابْنِ مَسْعَدَةَ، فَضَرَبَهُ ثَلَاثَ ضَرَبَاتٍ لَا يُرِيدُ قَتْلَهُ، وَيَقُولُ لَهُ: النِّجَاءَ النِّجَاءَ! فَدَخَلَ ابْنُ مَسْعَدَةَ وَجَمَاعَةٌ مَعَهُ الْحِصْنَ، وَهَرَبَ الْبَاقُونَ نَحْوَ الشَّامِ، وَانْتَهَبَ الْأَعْرَابُ إِبِلَ الصَّدَقَةِ الَّتِي كَانَتْ مَعَ ابْنِ مَسْعَدَةَ، وَحَصَرَهُ وَمَنْ مَعَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، ثُمَّ أَلْقَى الْحَطَبَ فِي الْبَابِ وَحَرَّقَهُ، فَلَمَّا رَأَوُا الْهَلَاكَ أَشْرَفُوا عَلَيْهِ وَقَالُوا: يَا مُسَيَّبُ قَوْمَكَ، فَرَقَّ لَهُمْ، وَأَمَرَ بِالنَّارِ فَأُطْفِئَتْ، وَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: قَدْ جَاءَتْنِي عُيُونِي فَأَخْبَرُونِي أَنَّ جُنْدًا قَدْ أَتَاكُمْ مِنَ الشَّامِ. فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شَبِيبٍ: سَرِّحْنِي فِي طَلَبِهِمْ، فَأَبَى ذَلِكَ عَلَيْهِ، فَقَالَ: غَشَشْتَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَدَاهَنْتَ فِي أَمْرِهِمْ.
وَفِيهَا أَيْضًا وَجَّهَ مُعَاوِيَةُ الضَّحَّاكَ بْنَ قَيْسٍ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَمُرَّ بِأَسْفَلِ وَاقِصَةَ، وَيُغِيرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute