لَهُ الْكِنَانِيُّ: لِمَ تَقْتُلُ هَذَيْنِ وَلَا ذَنْبَ لَهُمَا؟ فَإِنْ كُنْتَ قَاتِلَهُمَا فَاقْتُلْنِي مَعَهُمَا! فَقَتَلَهُ وَقَتَلَهُمَا بَعْدَهُ. وَقِيلَ إِنَّ الْكِنَانِيَّ أَخَذَ سَيْفَهُ وَقَاتَلَ عَنِ الْغُلَامَيْنِ وَهُوَ يَقُولُ:
اللَّيْثُ مَنْ يَمْنَعُ حَافَاتِ الدَّارِ ... وَلَا يَزَالُ مُصْلِتًا دُونَ الْجَارِ
وَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ. وَأَخَذَ الْغُلَامَيْنِ فَدَفَنَهُمَا. فَخَرَجَ نِسْوَةٌ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ، فَقَالَتِ امْرَأَةٌ مِنْهُنَّ: يَا هَذَا! قَتَلْتَ الرِّجَالَ فَعَلَامَ تَقْتُلُ هَذَيْنِ؟ وَاللَّهِ مَا كَانُوا يُقْتَلُونَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ! وَاللَّهِ يَا ابْنَ أَبِي أَرْطَاةَ إِنَّ سُلْطَانًا لَا يَقُومُ إِلَّا بِقَتْلِ الصَّبِيِّ الصَّغِيرِ، وَالشَّيْخِ الْكَبِيرِ، وَنَزْعِ الرَّحْمَةِ، وَعُقُوقِ الْأَرْحَامِ لَسُلْطَانُ سُوءٍ!
وَقَتَلَ بُسْرٌ فِي مَسِيرِهِ ذَلِكَ جَمَاعَةً مِنْ شِيعَةِ عَلِيٍّ بِالْيَمَنِ، وَبَلَغَ عَلِيًّا الْخَبَرُ، فَأَرْسَلَ جَارِيَةَ بْنَ قُدَامَةَ السَّعْدِيَّ فِي أَلْفَيْنِ، وَوَهْبَ بْنَ مَسْعُودٍ فِي أَلْفَيْنِ، فَسَارَ جَارِيَةُ حَتَّى أَتَى نَجْرَانَ، فَقَتَلَ بِهَا نَاسًا مِنْ شِيعَةِ عُثْمَانَ، وَهَرَبَ بُسْرٌ وَأَصْحَابُهُ مِنْهُ، وَاتَّبَعَهُ جَارِيَةُ حَتَّى أَتَى مَكَّةَ فَقَالَ: بَايِعُوا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. فَقَالُوا: قَدْ هَلَكَ فَلِمَنْ نُبَايِعُ؟ قَالَ: لِمَنْ بَايَعَ لَهُ أَصْحَابُ عَلِيٍّ. فَبَايَعُوا خَوْفًا مِنْهُ.
ثُمَّ سَارَ حَتَّى أَتَى الْمَدِينَةَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يُصَلِّي بِالنَّاسِ، فَهَرَبَ مِنْهُ، فَقَالَ جَارِيَةُ: لَوْ وَجَدْتُ أَبَا سِنَّوْرٍ لَقَتَلْتُهُ. ثُمَّ قَالَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ: بَايِعُوا الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ فَبَايَعُوهُ، وَأَقَامَ يَوْمَهُ، ثُمَّ عَادَ إِلَى الْكُوفَةِ وَرَجَعَ أَبُو هُرَيْرَةَ يُصَلِّي بِهِمْ.
وَكَانَتْ أُمَّ ابْنَيْ عُبَيْدِ اللَّهِ أُمُّ الْحَكَمِ جُوَيْرِيَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدِ بْنِ قَارِظٍ، (وَقِيلَ: عَائِشَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْمُدَانِ) . فَلَمَّا قُتِلَ وَلَدَاهَا وَلِهَتْ عَلَيْهِمَا، فَكَانَتْ لَا تَعْقِلْ وَلَا تُصْفِي، وَلَا تَزَالُ تَنْشُدُهُمَا فِي الْمَوَاسِمِ فَتَقُولُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute