وَهَرَبَ شَبِيبٌ فِي الْغَلَسِ، وَصَاحَ النَّاسُ، فَلَحِقَهُ رَجُلٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ يُقَالُ لَهُ عُوَيْمِرٌ، وَفِي يَدِ شَبِيبٍ السَّيْفُ، فَأَخَذَهُ وَجَلَسَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَى الْحَضْرَمِيُّ النَّاسَ قَدْ أَقْبَلُوا فِي طَلَبِهِ وَسَيْفُ شَبِيبٍ فِي يَدِهِ خَشِيَ عَلَى نَفْسِهِ فَتَرَكَهُ وَنَجَا، وَهَرَبَ شَبِيبٌ فِي غِمَارِ النَّاسِ.
وَلَمَّا ضَرَبَ ابْنُ مُلْجَمٍ عَلِيًّا قَالَ: لَا يَفُوتَنَّكُمُ الرَّجُلُ. فَشَدَّ النَّاسُ عَلَيْهِ فَأَخَذُوهُ، وَتَأَخَّرَ عَلِيٌّ وَقَدِمَ جَعْدَةُ بْنُ هُبَيْرَةَ، وَهُوَ ابْنُ أُخْتِهِ أُمِّ هَانِئٍ، يُصَلِّي بِالنَّاسِ الْغَدَاةَ، وَقَالَ عَلِيٌّ: أَحْضِرُوا الرَّجُلَ عِنْدِي. فَأُدْخِلُ عَلَيْهِ. فَقَالَ: أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ! أَلَمْ أُحْسِنْ إِلَيْكَ؟ قَالَ: بَلَى. قَالَ: فَمَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا؟ قَالَ: شَحَذْتُهُ أَرْبَعِينَ صَبَاحًا وَسَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يَقْتُلَ بِهِ شَرَّ خَلْقِهِ. فَقَالَ عَلِيٌّ: لَا أَرَاكَ إِلَّا مَقْتُولًا بِهِ، وَلَا أَرَاكَ إِلَّا مِنْ شَرِّ خَلْقِ اللَّهِ. ثُمَّ قَالَ: النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، إِنْ هَلَكْتُ فَاقْتُلُوهُ كَمَا قَتَلَنِي، وَإِنْ بَقِيتُ رَأَيْتُ فِيهِ رَأْيِي، يَا بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لَا أُلْفَيَنَّكُمْ تَخُوضُونَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ، تَقُولُونَ قَدْ قُتِلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، أَلَا لَا يُقْتَلَنَّ إِلَّا قَاتِلِي، انْظُرْ يَا حَسَنُ: إِنْ أَنَا مِتٌّ مِنْ ضَرْبَتِي هَذِهِ، فَاضْرِبْهُ ضَرْبَةً، وَلَا تُمَثِّلَنَّ بِالرَّجُلِ، فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: " «إِيَّاكُمْ وَالْمُثْلَةَ وَلَوْ بِالْكَلْبِ الْعَقُورِ» ".
(هَذَا كُلُّهُ) وَابْنُ مُلْجَمٍ مَكْتُوفٌ. فَقَالَتْ لَهُ أُمُّ كُلْثُومٍ ابْنَةُ عَلِيٍّ: أَيْ عَدُوَّ اللَّهِ! لَا بَأْسَ عَلَى أَبِي، وَاللَّهُ مُخْزِيكَ! قَالَ: فَعَلَى مَنْ تَبْكِينَ؟ وَاللَّهِ إِنَّ سَيْفِي اشْتَرَيْتُهُ بِأَلْفٍ، وَسَمَّمْتُهُ بِأَلْفٍ، وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ الضَّرْبَةُ بِأَهْلِ مِصْرٍ مَا بَقِيَ مِنْهُمْ أَحَدٌ.
وَدَخَلَ جُنْدَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَلَى عَلِيٍّ فَقَالَ: إِنْ فَقَدْنَاكَ، وَلَا نَفْقِدُكَ، فَنُبَايِعُ الْحَسَنَ؟ قَالَ: مَا آمُرُكُمْ وَلَا أَنْهَاكُمْ، أَنْتُمْ أَبْصَرُ. ثُمَّ دَعَا الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ فَقَالَ لَهُمَا:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute