للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَبْدَ اللَّهِ مَا تَقَرُّ بِهِ عَيْنِي. فَسَقَاهُ شَرْبَةً فَبَرَأَ وَلَمْ يُولَدْ لَهُ بَعْدَهَا.

وَأَمَرَ مُعَاوِيَةُ عِنْدَ ذَلِكَ بِالْمَقْصُوَرَاتِ، وَحَرَسِ اللَّيْلِ، وَقِيَامِ الشُّرَطِ عَلَى رَأْسِهِ إِذَا سَجَدَ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ عَمِلَهَا فِي الْإِسْلَامِ. وَقِيلَ: إِنَّ مُعَاوِيَةَ لَمْ يَقْتُلِ الْبُرَكَ، وَإِنَّمَا أَمَرَ فَقُطِعَتْ يَدُهُ وَرِجْلُهُ، وَبَقِيَ إِلَى أَنْ وَلِي زِيَادٌ الْبَصْرَةَ، وَكَانَ الْبُرَكُ قَدْ صَارَ إِلَيْهَا وَوُلِدَ لَهُ، فَقَالَ لَهُ زِيَادٌ: يُولَدُ لَكَ، وَتَرَكْتَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا يُولَدُ لَهُ؟ فَقَتَلَهُ وَصَلَبَهُ.

وَأَمَّا عَمْرُو بْنُ بَكْرٍ، فَإِنَّهُ جَلَسَ لِعَمْرِو بْنِ الْعَاصِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ، فَلَمْ يَخْرُجْ، وَكَانَ اشْتَكَى بَطْنَهُ، فَأَمَرَ خَارِجَةَ بْنَ أَبِي حَبِيبَةَ - وَكَانَ صَاحِبَ شُرْطَتِهِ، وَهُوَ مِنْ بَنِي عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ، - فَخَرَجَ لِيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، فَشَدَّ عَلَيْهِ وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ، فَضَرَبَهُ فَقَتَلَهُ، فَأَخَذَهُ النَّاسُ إِلَى عَمْرٍو فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ بِالْإِمْرَةِ. فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالُوا: عَمْرٌو. قَالَ: فَمَنْ قَتَلْتُ؟ قَالُوا: خَارِجَةَ.

قَالَ: أَمَا وَاللَّهِ يَا فَاسِقُ مَا ظَنَنْتُهُ غَيْرَكَ! فَقَالَ عَمْرٌو: أَرَدْتَنِي وَأَرَادَ اللَّهُ خَارِجَةَ. فَقَدَّمَهُ عَمْرٌو فَقَتَلَهُ.

قَالَ: وَلَمَّا بَلَغَ عَائِشَةَ قَتْلُ عَلِيٍّ قَالَتْ:

فَأَلْقَتْ عَصَاهَا وَاسْتَقَرَّتْ بِهَا النَّوَى ... كَمَا قَرَّ عَيْنًا بِالْإِيَابِ الْمُسَافِرُ

ثُمَّ قَالَتْ: مَنْ قَتَلَهُ؟ فَقِيلَ: رَجُلٌ مِنْ مُرَادٍ. فَقَالَتْ:

فَإِنْ يَكُ نَائِيًا فَلَقَدْ نَعَاهُ ... نَعِيٌّ لَيْسَ فِي فِيهِ التُّرَابُ

<<  <  ج: ص:  >  >>