للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَمْسَ عَشْرَةَ دِرَّةً وَقَالَ: هَذَا نَكَالٌ لِمَا انْتَهَكْتَ مِنْ حُرْمَتِهِ.

وَلَمَّا قُتِلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَامَ ابْنُهُ الْحَسَنُ خَطِيبًا فَقَالَ: لَقَدْ قَتَلْتُمُ اللَّيْلَةَ رَجُلًا فِي لَيْلَةٍ نَزَلَ فِيهَا الْقُرْآنُ، وَفِيهَا رُفِعَ عِيسَى، وَفِيهَا قُتِلَ يُوشَعُ بْنُ نُونٍ، وَاللَّهِ مَا سَبَقَهُ أَحَدٌ كَانَ قَبْلَهُ، وَلَا يُدْرِكُهُ أَحَدٌ يَكُونُ بَعْدَهُ، وَاللَّهِ إِنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَبْعَثُهُ فِي السَّرِيَّةِ وَجَبْرَائِيلُ عَنْ يَمِينِهِ، وَمِيكَائِيلُ عَنْ يَسَارِهِ، وَاللَّهِ مَا تَرَكَ (صَفْرَاءَ وَلَا بَيْضَاءَ) إِلَّا ثَمَانَمِائَةٍ أَوْ سَبْعَمِائَةٍ أَرْصَدَهَا لِجَارِيَةٍ.

وَقَالَ سُفْيَانُ: إِنَّ عَلِيًّا لَمْ يَبْنِ آجُرَّةً عَلَى آجُرَّةٍ، وَلَا لَبِنَةً عَلَى لَبِنَةٍ، وَلَا قَصَبَةً عَلَى قَصَبَةٍ، وَإِنْ كَانَ لَيُؤْتَى بِحُبُوبِهِ مِنَ الْمَدِينَةِ فِي جِرَابٍ.

(وَقِيلَ: إِنَّهُ أَخْرَجَ سَيْفًا لَهُ إِلَى السُّوقِ فَبَاعَهُ وَقَالَ: لَوْ كَانَ عِنْدِي أَرْبَعَةُ دَرَاهِمَ ثَمَنُ إِزَارٍ لَمْ أَبِعْهُ. وَكَانَ لَا يَشْتَرِي مِمَّنْ يَعْرِفُهُ، وَإِذَا اشْتَرَى قَمِيصًا قَدَّرَ كُمَّهُ عَلَى طُولِ يَدِهِ وَقَطَعَ الْبَاقِي) . وَكَانَ يَخْتِمُ عَلَى الْجِرَابِ الَّذِي فِيهِ دَقِيقُ الشَّعِيرِ الَّذِي يَأْكُلُ مِنْهُ وَيَقُولُ: لَا أُحِبُّ أَنْ يَدْخُلَ بَطْنِي إِلَّا مَا أَعْلَمُ.

وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: وَجَدَ عَلِيٌّ دِرْعًا لَهُ عِنْدَ نَصْرَانِيٍّ، فَأَقْبَلَ بِهِ إِلَى شُرَيْحٍ وَجَلَسَ إِلَى جَانِبِهِ وَقَالَ: لَوْ كَانَ خَصْمِي مُسْلِمًا لَسَاوَيْتُهُ، وَقَالَ: هَذِهِ دِرْعِي! فَقَالَ النَّصْرَانِيُّ: مَا هِيَ إِلَّا دِرْعِي، وَلَمْ يَكْذِبْ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ؟ فَقَالَ شُرَيْحٌ لَعَلِيٍّ: أَلَكَ بَيِّنَةٌ؟ قَالَ: لَا - وَهُوَ يَضْحَكُ - فَأَخَذَ النَّصْرَانِيُّ الدِّرْعَ وَمَشَى يَسِيرًا، ثُمَّ عَادَ وَقَالَ: أَشْهَدُ أَنَّ هَذِهِ أَحْكَامُ الْأَنْبِيَاءِ، أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ قَدَّمَنِي إِلَى قَاضِيهِ، وَقَاضِيهِ يَقْضِي عَلَيْهِ. ثُمَّ أَسْلَمَ وَاعْتَرَفَ أَنَّ الدِّرْعَ سَقَطَتْ مِنْ عَلِيٍّ عِنْدَ مَسِيرِهِ إِلَى صِفِّينَ، فَفَرِحَ عَلِيٌّ بِإِسْلَامِهِ وَوَهَبَ لَهُ الدِّرْعَ وَفَرَسًا، وَشَهِدَ مَعَهُ قِتَالَ الْخَوَارِجِ.

وَقِيلَ: إِنَّ عَلِيًّا رُؤِيَ وَهُوَ يَحْمِلُ فِي مِلْحَفَتِهِ تَمْرًا قَدِ اشْتَرَاهُ بِدِرْهَمٍ، فَقِيلَ لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلَا نَحْمِلُهُ عَنْكَ؟ فَقَالَ: أَبُو الْعِيَالِ أَحَقُّ بِحَمْلِهِ.

وَقَالَ الْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ: تَذَاكَرُوا الزُّهَّادَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَقَالَ عُمَرُ: أَزْهَدُ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ.

وَقَالَ الْمَدَائِنِيُّ: نَظَرَ عَلِيٌّ إِلَى قَوْمٍ بِبَابِهِ، فَقَالَ لِقَنْبَرٍ مَوْلَاهُ: مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>