شِيعَتُكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَ: وَمَا لِي لَا أَرَى فِيهِمْ سِيَمَا الشِّيعَةِ؟ قَالَ: وَمَا سِيمَاهُمْ؟ قَالَ: خُمْصُ الْبُطُونِ مِنَ الطَّوْيِ، يُبْسُ الشِّفَاهِ مِنَ الظَّمَإِ، عُمْشُ الْعُيُونِ مِنَ الْبُكَاءِ.
(وَمَنَاقِبُهُ لَا تُحْصَى، قَدْ جَمَعْتُ قَضَايَاهُ فِي كِتَابٍ مُفْرَدٍ) .
ذكر بَيْعَةِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ - أَعْنِي سَنَةَ أَرْبَعِينَ - بُويِعَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ بَعْدَ قَتْلِ أَبِيهِ. وَأَوَّلُ مَنْ بَايَعَهُ قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَقَالَ لَهُ: ابْسُطْ يَدَكَ أُبَايِعْكَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ، وَقِتَالِ الْمُحِلِّينَ. فَقَالَ الْحَسَنُ: عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ فَإِنَّهُمَا يَأْتِيَانِ عَلَى كُلِّ شَرْطٍ. فَبَايَعَهُ النَّاسُ. وَكَانَ الْحَسَنُ يَشْتَرِطُ عَلَيْهِمْ: إِنَّكُمْ مُطِيعُونَ تُسَالِمُونَ مَنْ سَالَمْتُ، وَتُحَارِبُونَ مَنْ حَارَبْتُ. فَارْتَابُوا بِذَلِكَ وَقَالُوا: مَا هَذَا لَكُمْ بِصَاحِبٍ وَمَا يُرِيدُ هَذَا إِلَّا الْقِتَالَ.
ذكر عِدَّةِ حَوَادِثَ
حَجَّ بِالنَّاسِ هَذِهِ السَّنَةَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ، وَافْتَعَلَ كِتَابًا عَلَى لِسَانِ مُعَاوِيَةَ، فَيُقَالُ: إِنَّهُ عَرَّفَ يَوْمَ التَّرْوِيَةِ، وَنَحَرَ عَرَفَةَ خَوْفًا أَنْ يُفْطَنَ لِفِعْلِهِ، وَقِيلَ: فَعَلَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُتْبَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ مُصَبِّحُهُ وَالِيًا عَلَى الْمَوْسِمِ.
وَفِيهَا بُويِعَ مُعَاوِيَةُ بِالْخِلَافَةِ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ يُدْعَى بِالْأَمِيرِ فِي بِلَادِ الشَّامِ، فَلَمَّا قُتِلَ عَلِيٌّ دُعِيَ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، (هَكَذَا قَالَ بَعْضُهُمْ) ، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ بُويِعَ بِالْخِلَافَةِ بَعْدَ اجْتِمَاعِ الْحَكَمَيْنِ، (وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَكَانَتْ خِلَافَةُ الْحَسَنِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ) .
[الْوَفَيَاتُ]
وَفِيهَا مَاتَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ الْكِنْدِيُّ بَعْدَ قَتْلِ عَلِيٍّ بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً، وَصَلَّى عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute