وَأَرْبَعِينَ: وَرَأَى ابْنُ عَوْفٍ بِوَجْهِ حَوْثَرَةَ أَثَرَ السُّجُودِ، وَكَانَ صَاحِبَ عِبَادَةٍ، فَنَدِمَ عَلَى قَتْلِهِ، وَقَالَ:
قَتَلْتُ أَخَا بَنِي أَسَدٍ سَفَاهَا ... لَعَمْرُ أَبِي فَمَا لُقِّيتُ رُشْدِي
قَتَلْتُ مُصَلِّيًا مِحْيَاءَ لَيْلٍ ... طَوِيلَ الْحُزْنِ ذَا بِرٍّ وَقَصْدِ
قَتَلْتُ أَخَا تُقًى لَا نَالَ دُنْيَا ... وَذَاكَ لِشِقْوَتِي وَعِثَارِ جَدِّي
فَهَبْ لِي تَوْبَةً يَا رَبِّ وَاغْفِرْ ... لِمَا قَارَفَتْ مِنْ خَطَأٍ وَعَمْدِ
ذِكْرُ خُرُوجِ فَرْوَةَ بْنِ نَوْفَلٍ وَمَقْتَلُهُ
ثُمَّ إِنَّ فَرْوَةَ بْنَ نَوْفَلٍ الْأَشْجَعِيَّ خَرَجَ عَلَى الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ بَعْدَ مَسِيرِ مُعَاوِيَةَ، فَوَجَّهَ إِلَيْهِ الْمُغِيرَةُ خَيْلًا عَلَيْهَا شَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ، وَيُقَالُ: مَعْقِلُ بْنُ قَيْسٍ، فَلَقِيَهُ، بِشَهْرَزُورَ فَقَتَلَهُ، وَقِيلَ قُتِلَ بِبَعْضِ السَّوَادِ.
ذِكْرُ شَبِيبِ بْنِ بَجَرَةَ
كَانَ شَبِيبٌ مَعَ ابْنِ مُلْجَمٍ حِينَ قَتَلَ عَلِيًّا، فَلَمَّا دَخَلَ مُعَاوِيَةُ الْكُوفَةَ أَتَاهُ شَبِيبٌ كَالْمُتَقَرِّبِ إِلَيْهِ فَقَالَ: أَنَا وَابْنُ مُلْجَمٍ قَتَلْنَا عَلِيًّا، فَوَثَبَ مُعَاوِيَةُ مِنْ مَجْلِسِهِ مَذْعُورًا حَتَّى دَخَلَ مَنْزِلَهُ وَبَعَثَ إِلَى أَشْجَعَ وَقَالَ: لَئِنْ رَأَيْتُ شَبِيبًا أَوْ بَلَغَنِي أَنَّهُ بِبَابِي لَأُهْلِكَنَّكُمْ، أَخْرِجُوهُ عَنْ بَلَدِكُمْ. وَكَانَ شَبِيبٌ إِذَا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ خَرَجَ فَلَمْ يَلْقَ أَحَدًا إِلَّا قَتَلَهُ، فَلَمَّا وَلِيَ الْمُغِيرَةُ الْكُوفَةَ خَرَجَ عَلَيْهِ بِالْقُفِّ، قَرِيبِ الْكُوفَةِ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ الْمُغِيرَةُ خَيْلًا عَلَيْهَا خَالِدُ بْنُ عُرْفُطَةَ، وَقِيلَ: مَعْقِلُ بْنُ قَيْسٍ، فَاقْتَتَلُوا فَقُتِلَ شَبِيبٌ وَأَصْحَابُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute