بْنُ شُعْبَةَ فَقَالَ لَهُ: اسْتَعْمَلْتَ عَبْدَ اللَّهِ عَلَى الْكُوفَةِ وَأَبَاهُ عَلَى مِصْرَ فَتَكُونُ أَمِيرًا بَيْنَ نَابَيِ الْأَسَدِ. فَعَزَلَهُ عَنْهَا وَاسْتَعْمَلَ الْمُغِيرَةَ عَلَى الْكُوفَةِ. وَبَلَغَ عَمْرًا مَا قَالَ الْمُغِيرَةُ، فَدَخَلَ عَلَى مُعَاوِيَةَ فَقَالَ: اسْتَعْمَلْتَ الْمُغِيرَةَ عَلَى الْخَرَاجِ فَيَغْتَالُ الْمَالَ وَلَا تَسْتَطِيعُ أَنْ تَأْخُذَهُ مِنْهُ، اسْتَعْمِلْ عَلَى الْخَرَاجِ رَجُلًا يَخَافُكَ وَيَتَّقِيكَ. فَعَزَلَهُ عَنِ الْخَرَاجِ وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى الصَّلَاةِ.
وَلَمَّا وَلِيَ الْمُغِيرَةُ الْكُوفَةَ اسْتَعْمَلَ كَثِيرَ بْنَ شِهَابٍ عَلَى الرَّيِّ، وَكَانَ يَكْثُرُ سَبَّ عَلِيٍّ عَلَى مِنْبَرِ الرَّيِّ، وَبَقِيَ عَلَيْهَا إِلَى أَنْ وَلِيَ زِيَادٌ الْكُوفَةَ، فَأَقَرَّهُ عَلَيْهَا، وَغَزَا الدَّيْلَمَ وَمَعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَجَّاجِ التَّغْلِبِيُّ، وَقَتَلَ دَيْلَمِيًّا وَأَخَذَ سَلْبَهُ، فَأَخَذَهُ مِنْهُ كَثِيرٌ، فَنَاشَدَهُ اللَّهَ فِي رَدِّهِ عَلَيْهِ فَلَمْ يَفْعَلْ، فَاخْتَفَى لَهُ وَضَرَبَهُ عَلَى وَجْهِهِ بِالسَّيْفِ أَوْ بِعَصَا هَشَمَ وَجْهَهُ، فَقَالَ:
مَنْ مُبْلِغٌ أَفَنَاءَ خِنْدَفَ أَنَّنِي ... أَدْرَكْتُ طَائِلَتِي مِنِ ابْنِ شِهَابِ
أَدْرَكْتُهُ لَيْلًا بِعَقَوَةَ دَارِهِ ... فَضَرَبْتُهُ قُدُمًا عَلَى الْأَنْيَابِ
هَلَّا خَشِيتَ وَأَنْتَ عَادٍ ظَالِمٌ ... بِقُصُورٍ أَبْهَرَ أُسْرَتِي وَعِقَابِي
ذِكْرُ وِلَايَةِ بُسْرٍ عَلَى الْبَصْرَةِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَلِي بُسْرُ بْنُ أَبِي أَرْطَاةَ الْبَصْرَةَ.
وَكَانَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ الْحَسَنَ لَمَّا صَالَحَ مُعَاوِيَةَ أَوَّلَ سَنَةِ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَثَبَ حُمْرَانُ بْنُ أَبَانٍ عَلَى الْبَصْرَةِ فَأَخَذَهَا وَغَلَبَ عَلَيْهَا، فَبَعَثَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ بُسْرَ بْنَ أَبِي أَرْطَاةَ وَأَمَرَهُ بِقَتْلِ بَنِي زِيَادِ بْنِ أَبِيهِ، وَكَانَ زِيَادٌ عَلَى فَارِسَ قَدْ أَرْسَلَهُ إِلَيْهَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَلَمَّا قَدِمَ بُسْرٌ الْبَصْرَةَ خَطَبَ عَلَى مِنْبَرِهَا وَشَتَمَ عَلِيًّا ثُمَّ قَالَ: نَشَدْتُ اللَّهَ رَجُلًا يَعْلَمُ أَنِّي صَادِقٌ إِلَّا صَدَّقَنِي أَوْ كَاذِبٌ إِلَّا كَذَّبَنِي. فَقَالَ أَبُو بَكْرَةَ: اللَّهُمَّ إِنَّا لَا نَعْلَمُكَ إِلَّا كَاذِبًا. قَالَ: فَأَمَرَ بِهِ فَخُنِقَ. فَقَامَ أَبُو لُؤْلُؤَةَ الضَّبِّيُّ فَرَمَى بِنَفْسِهِ عَلَيْهِ فَمَنَعَهُ. وَأَقْطَعَهُ أَبُو بَكْرَةَ مِائَةَ جَرِيبٍ، وَقِيلَ لِأَبِي بَكْرَةَ: مَا حَمَلَكَ عَلَى ذَلِكَ؟ فَقَالَ: يُنَاشِدُنَا بِاللَّهِ ثُمَّ لَا نُصَدِّقُهُ؟ .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute