قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ لَوْ أَقَرَّ فِرْعَوْنُ أَنْ يَكُونَ لَهُ قُرَّةَ عَيْنٍ كَمَا أَقَرَّتْ لَهَدَاهُ اللَّهُ كَمَا هَدَاهَا» .
وَأَرَادَ أَنْ يَذْبَحَهُ فَلَمْ تَزَلْ آسِيَةُ تُكَلِّمُهُ حَتَّى تَرَكَهُ لَهَا وَقَالَ: إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَنْ يَكُونَ هَذَا الَّذِي عَلَى يَدَيْهِ هَلَاكُنَا، فَذَلِكَ قَوْلُهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا} [القصص: ٨] . وَأَرَادُوا لَهُ الْمُرْضِعَاتِ فَلَمْ يَأْخُذْ مِنْ أَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِنْ قَبْلُ فَقَالَتْ} [القصص: ١٢]- أُخْتُهُ مَرْيَمُ - {هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ} [القصص: ١٢] . فَأَخَذُوهَا، وَقَالُوا: مَا يُدْرِيكِ مَا نُصْحُهُمْ لَهُ؟ هَلْ يَعْرِفُونَهُ؟ حَتَّى شَكُّوا فِي ذَلِكَ. فَقَالَتْ: نُصْحُهُمْ لَهُ، وَشَفَقَتُهُمْ عَلَيْهِ، وَرَغْبَتُهُمْ فِي قَضَاءِ حَاجَةِ الْمَلِكِ، وَرَجَاءُ مَنْفَعَتِهِ. فَانْطَلَقَتْ إِلَى أُمِّهِ فَأَخْبَرَتْهَا الْخَبَرَ، فَجَاءَتْ أُمُّهُ، فَلَمَّا أَعْطَتْهُ ثَدْيَهَا أَخَذَهُ مِنْهَا، فَكَادَتْ تَقُولُ: هَذَا ابْنِي، فَعَصَمَهَا اللَّهُ.
وَإِنَّمَا سُمِّيَ مُوسَى لِأَنَّهُ وُجِدَ فِي مَاءٍ وَشَجَرٍ، وَالْمَاءُ بِالْقِبْطِيَّةِ مو، وَالشَّجَرُ سا. فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ} [القصص: ١٣] .
وَكَانَ غَيْبَتُهُ عَنْهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَأَخَذَتْهُ مَعَهَا إِلَى بَيْتِهَا، وَاتَّخَذَهُ فِرْعَوْنُ وَلَدًا فَدُعِيَ ابْنَ فِرْعَوْنَ، فَلَمَّا تَحَرَّكَ الْغُلَامُ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ إِلَى آسِيَةَ، فَأَخَذَتْهُ تُرَقِّصُهُ وَتَلْعَبُ بِهِ وَنَاوَلَتْهُ فِرْعَوْنَ، فَلَمَّا أَخَذَهُ إِلَيْهِ أَخَذَ الْغُلَامُ بِلِحْيَتِهِ فَنَتَفَهَا، قَالَ فِرْعَوْنُ: عَلَيَّ بِالذَّبَّاحِينَ يَذْبَحُونَهُ، هُوَ هَذَا! قَالَتْ آسِيَةُ: {لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا} [القصص: ٩] ، إِنَّمَا هُوَ صَبِيٌّ لَا يَعْقِلُ وَإِنَّمَا فَعَلَ هَذَا مِنْ جَهْلٍ، وَلَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُ لَيْسَ فِي مِصْرَ امْرَأَةٌ أَكْثَرَ حُلِيًّا مِنِّي، أَنَا أَضَعُ لَهُ حُلِيًّا مِنْ يَاقُوتٍ وَجَمْرًا فَإِنْ أَخَذَ الْيَاقُوتَةَ فَهُوَ يَعْقِلُ فَاذْبَحْهُ وَإِنَّ أَخَذَ الْجَمْرَ فَإِنَّمَا هُوَ صَبِيٌّ، فَأَخْرَجَتْ لَهُ يَاقُوتَهَا وَوَضَعَتْ لَهُ طَشْتًا مِنْ جَمْرٍ فَجَاءَ جِبْرِيلُ فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَى جَمْرَةٍ فَأَخَذَهَا فَطَرَحَهَا مُوسَى فِي فَمِهِ، فَأَحْرَقَتْ لِسَانَهُ، فَهُوَ الَّذِي يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي} [طه: ٢٧] . فَدَرَأَتْ عَنْ مُوسَى الْقَتْلَ.
وَكَبِرَ مُوسَى، وَكَانَ يَرْكَبُ مَرْكَبَ فِرْعَوْنَ وَيَلْبَسُ مَا يَلْبَسُ، وَإِنَّمَا يُدْعَى مُوسَى بْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute