خَيْلِكَ. فَقَالَ: إِذَا سَمِعْتُمْ بِنَا قَدْ رَكِبْنَا فَاتَّقُوا أَسِنَّتَنَا.
ذِكْرُ خُرُوجِ قُرَيْبٍ وَفِيهَا خَرَجَ قُرَيْبٌ الْأَزْدِيُّ وَزَحَّافٌ الطَّائِيُّ بِالْبَصْرَةِ، وَهُمَا ابْنَا خَالَةٍ، وَزِيَادٌ بِالْكُوفَةِ وَسَمُرَةُ عَلَى الْبَصْرَةِ، فَأَتَيَا بَنِي ضُبَيْعَةَ، وَهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا، وَقَتَلُوا مِنْهُمْ شَيْخًا، وَخَرَجَ عَلَى قُرَيْبٍ وَزَحَّافٍ شَبَابٌ مِنْ بَنِي عَلِيٍّ وَبَنِي رَاسِبٍ فَرَمَوْهُمْ بِالنَّبْلِ، وَقَتَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَوْسٍ الطَّاحِيُّ قُرَيْبًا وَجَاءَ بِرَأْسِهِ:
وَاشْتَدَّ زِيَادٌ فِي أَمْرِ الْخَوَارِجِ فَقَتَلَهُمْ، وَأَمَرَ سَمُرَةَ بِذَلِكَ فَقَتَلَ مِنْهُمْ بَشَرًا كَثِيرًا:
وَخَطَبَ زِيَادٌ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ: يَا أَهْلَ الْبَصْرَةِ وَاللَّهِ لَتَكُفُّنَّنِي هَؤُلَاءِ أَوْ لَأَبْدَأَنَّ بِكُمْ! وَاللَّهِ لَئِنْ أَفْلَتَ مِنْهُمْ رَجُلٌ لَا تَأْخُذُونَ الْعَامَ مِنْ عَطَائِكُمْ دِرْهَمًا! فَثَارَ النَّاسُ بِهِمْ فَقَتَلُوهُمْ.
ذِكْرُ إِرَادَةِ مُعَاوِيَةَ نَقْلَ الْمِنْبَرِ مِنَ الْمَدِينَةِ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ أَمَرَ مُعَاوِيَةُ بِمِنْبَرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُحْمَلَ مِنَ الْمَدِينَةِ إِلَى الشَّامِ، وَقَالَ: لَا يُتْرَكُ هُوَ وَعَصَا النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، بِالْمَدِينَةِ وَهُمْ قَتَلَةُ عُثْمَانَ، وَطَلَبَ الْعَصَا، وَهُوَ عِنْدُ سَعْدٍ الْقَرَظِ، فَحُرِّكَ الْمِنْبَرُ فَكُسِفَتِ الشَّمْسُ حَتَّى رُؤَيَتِ النُّجُومُ بَادِيَةً، فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ، فَتَرَكَهُ. وَقِيلَ أَتَاهُ جَابِرٌ وَأَبُو هُرَيْرَةَ وَقَالَا لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَا يَصْلُحُ أَنْ تُخْرِجَ مِنْبَرَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ مَوْضِعٍ وَضَعَهُ، وَلَا تَنْقُلْ عَصَاهُ إِلَى الشَّامِ، فَانْقُلِ الْمَسْجِدَ، فَتَرَكَهُ، وَزَادَ فِيهِ سِتَّ دَرَجَاتٍ وَاعْتَذَرَ مِمَّا صَنَعَ.
فَلَمَّا وَلِيَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ هَمَّ بِالْمِنْبَرِ، فَقَالَ لَهُ قَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ: أُذَكِّرُكَ اللَّهَ أَنْ تَفْعَلَ! إِنَّ مُعَاوِيَةَ حَرَّكَهُ فَكُسِفَتِ الشَّمْسُ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ حَلَفَ عَلَى مِنْبَرِي [آثِمًا] فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» ، فَتُخْرِجُهُ مِنَ الْمَدِينَةِ وَهُوَ مُقَطَّعُ الْحُقُوقِ عِنْدَهُمْ بِالْمَدِينَةِ! فَتَرَكَهُ عَبْدُ الْمَلِكِ.
فَلَمَّا كَانَ الْوَلِيدُ ابْنُهُ وَحَجَّ هَمَّ بِذَلِكَ، فَأَرْسَلَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ إِلَى عُمَرَ بْنِ عَبْدِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute