الْعَزِيزِ فَقَالَ: كَلِّمْ صَاحِبَكَ لَا يَتَعَرَّضُ لِلْمَسْجِدِ وَلَا لِلَّهِ وَالسُّخْطِ لَهُ، فَكَلَّمَهُ عُمَرُ فَتَرَكَهُ.
وَلَمَّا حَجَّ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ أَخْبَرَهُ عُمَرُ بِمَا كَانَ مِنَ الْوَلِيدِ، فَقَالَ سُلَيْمَانُ: مَا كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ يُذْكَرَ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَبْدِ الْمَلِكِ هَذَا وَلَا عَنِ الْوَلِيدِ، مَا لَنَا وَلِهَذَا! أَخَذْنَا الدُّنْيَا فَهِيَ فِي أَيْدِينَا وَنُرِيدُ أَنْ نَعْمِدَ إِلَى عَلَمٍ مِنْ أَعْلَامِ الْإِسْلَامِ يُوفَدُ إِلَيْهِ فَنَحْمِلَهُ إِلَى مَا قِبَلَنَا! هَذَا مَا لَا يَصْلُحُ!
وَفِيهَا عُزِلَ مُعَاوِيَةُ بْنُ حُدَيْجٍ السَّكُونِيُّ عَنْ مِصْرَ وَوَلِيَهَا مَسْلَمَةُ بْنُ مُخَلَّدٍ مَعَ إِفْرِيقِيَّةَ، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ بَعَثَ قَبْلَ أَنْ يُوَلِّيَ مَسْلَمَةَ إِفْرِيقِيَّةَ وَمِصْرَ عُقْبَةَ بْنَ نَافِعٍ إِلَى إِفْرِيقِيَّةَ، وَكَانَ اخْتَطْ قَيْرَوَانَهَا، وَكَانَ مَوْضِعُهُ غَيْضَةً لَا تُرَامُ مِنَ السِّبَاعِ وَالْحَيَّاتِ وَغَيْرِهَا، فَدَعَا اللَّهَ عَلَيْهَا فَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ إِلَّا خَرَجَ هَارِبًا حَتَّى إِنَّ كَانَتِ السِّبَاعُ لَتَحْمِلُ أَوْلَادَهَا، وَبَنَى الْجَامِعَ. فَلَمَّا عَزَلَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ مُعَاوِيَةَ بْنَ حُدَيْجٍ السَّكُونِيَّ عَنْ مِصْرَ عَزَلَ عُقْبَةَ عَنْ إِفْرِيقِيَّةَ وَجَمَعَهَا لِمَسْلَمَةَ بْنِ مُخَلَّدٍ، فَهُوَ أَوَّلُ مَنْ جُمِعَ لَهُ الْمَغْرِبُ مَعَ مِصْرَ، فَوَلَّى مَسْلَمَةُ إِفْرِيقِيَّةَ مَوْلًى لَهُ يُقَالُ لَهُ أَبُو الْمُهَاجِرِ، فَلَمْ يَزَلْ عَلَيْهَا حَتَّى هَلَكَ مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ.
ذِكْرُ وِلَايَةِ عُقْبَةَ بْنِ نَافِعٍ إِفْرِيقِيَّةَ وَبِنَاءِ مَدِينَةِ الْقَيْرَوَانِ
قَدْ ذَكَرَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ أَنَّ فِي هَذِهِ السَّنَةِ وَلِيَ مَسْلَمَةُ بْنُ مُخَلَّدٍ إِفْرِيقِيَّةَ، وَأَنَّ عُقْبَةَ وَلِيَ قَبْلَهُ إِفْرِيقِيَّةَ وَبَنَى الْقَيْرَوَانَ، وَالَّذِي ذَكَرَهُ أَهْلُ التَّارِيخِ مِنَ الْمَغَارِبَةِ: أَنَّ وِلَايَةَ عُقْبَةَ بْنِ نَافِعٍ إِفْرِيقِيَّةَ كَانَتْ هَذِهِ السَّنَةَ وَبَنَى الْقَيْرَوَانَ، ثُمَّ بَقِيَ إِلَى سَنَةِ خَمْسٍ وَخَمْسِينَ وَوَلِيَهَا مَسْلَمَةُ بْنُ مُخَلَّدٍ، وَهُمْ أَخْبَرُ بِبِلَادِهِمْ، وَأَنَا أَذْكُرُ مَا أَثْبَتُوهُ فِي كُتُبِهِمْ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute