اجْتَمَعَ عَلَيْكُمْ وَمَا أُحِبُّ أَنْ تَهْلِكُوا. فَخَرَجُوا، فَأَدْرَكَهُمْ مَذْحِجٌ وَهَمْدَانُ فَقَاتَلُوهُمْ وَأَسَرُوا قَيْسَ بْنَ يَزِيدَ وَنَجَا الْبَاقُونَ، فَأَخَذَ حُجْرٌ طَرِيقًا إِلَى بَنِي حُوتٍ فَدَخَلَ دَارَ رَجُلٍ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ سُلَيْمُ بْنُ يَزِيدَ، وَأَدْرَكَهُ الطَّلَبُ فَأَخَذَ سُلَيْمٌ سَيْفَهُ لِيُقَاتِلَ، فَبَكَتْ بَنَاتُهُ، فَقَالَ حُجْرٌ: بِئْسَ مَا أَدْخَلْتُ عَلَى بَنَاتِكَ إِذًا! قَالَ: وَاللَّهِ لَا تُؤْخَذُ مِنْ دَارِي أَسِيرًا وَلَا قَتِيلًا وَأَنَا حَيٌّ:
فَخَرَجَ حُجْرٌ مِنْ خَوْخَةٍ فِي دَارِهِ فَأَتَى النَّخَعَ فَنَزَلَ دَارَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ أَخِي الْأَشْتَرِ، فَأَحْسَنَ لِقَاءَهُ.
فَبَيْنَمَا هُوَ عِنْدَهُ إِذْ قِيلَ لَهُ: إِنَّ الشُّرَطَ تَسْأَلُ عَنْكَ فِي النَّخَعِ. وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ أَمَةً سَوْدَاءَ لَقِيَتْهُمْ فَقَالَتْ: مَنْ تَطْلُبُونَ؟ فَقَالُوا: حُجْرَ بْنَ عَدِيٍّ. فَقَالَتْ: هُوَ فِي النَّخَعِ.
فَخَرَجَ حُجْرٌ مِنْ عِنْدِهِ فَأَتَى الْأَزْدَ فَاخْتَفَى عِنْدَ رَبِيعَةَ بْنِ نَاجِدٍ.
فَلَمَّا أَعْيَاهُمْ طَلَبُهُ دَعَا زِيَادٌ مُحَمَّدَ بْنَ الْأَشْعَثِ وَقَالَ لَهُ: وَاللَّهِ لَتَأْتِيَنِّي بِهِ أَوْ لَأَقْطَعَنَّ كُلَّ نَخْلَةٍ لَكَ وَأَهْدِمُ دُورَكَ ثُمَّ لَا تَسْلَمُ مِنِّي حَتَّى أُقَطِّعَكَ إِرَبًا إِرَبًا.
فَاسْتَمْهَلَهُ، فَأَمْهَلَهُ ثَلَاثًا وَأَحْضَرَ قَيْسَ بْنَ يَزِيدَ أَسِيرًا، فَقَالَ لَهُ زِيَادٌ: لَا بَأْسَ عَلَيْكَ، قَدْ عَرَفْتُ رَأْيَكَ فِي عُثْمَانَ وَبَلَاءَكَ مَعَ مُعَاوِيَةَ بِصِفِّينَ وَأَنَّكَ إِنَّمَا قَاتَلْتَ مَعَ حُجْرٍ حَمِيَّةً وَقَدْ غَفَرْتُهَا لَكَ وَلَكِنِ ائْتِنِي بِأَخِيكَ عُمَيْرٍ. فَاسْتَأْمَنَ لَهُ مِنْهُ عَلَى مَالِهِ وَدَمِهِ، فَأَمَّنَهُ، فَأَتَاهُ بِهِ وَهُوَ جَرِيحٌ فَأَثْقَلَهُ حَدِيدًا، وَأَمَرَ الرِّجَالَ أَنْ يَرْفَعُوهُ وَيُلْقُوهُ، فَفَعَلُوا بِهِ ذَلِكَ مِرَارًا، فَقَالَ قَيْسُ بْنُ يَزِيدَ لِزِيَادٍ: أَلَمْ تُؤَمِّنْهُ؟ قَالَ: بَلَى قَدْ أَمَّنْتُهُ عَلَى دَمِهِ وَلَسْتُ أُهَرِيقُ لَهُ دَمًا. ثُمَّ ضَمَّنَهُ وَخَلَّى سَبِيلَهُ.
وَمَكَثَ حُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ فِي بَيْتِ رَبِيعَةَ يَوْمًا وَلَيْلَةً، فَأَرْسَلَ إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ يَقُولُ لَهُ لِيَأْخُذْ لَهُ مِنْ زِيَادٍ أَمَانًا حَتَّى يَبْعَثَ بِهِ إِلَى مُعَاوِيَةَ. فَجَمَعَ مُحَمَّدٌ جَمَاعَةً، مِنْهُمْ: جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، وَحُجْرُ بْنُ يَزِيدَ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ أَخُو الْأَشْتَرِ، فَدَخَلُوا عَلَى زِيَادٍ فَاسْتَأْمَنُوا لَهُ عَلَى أَنْ يُرْسِلَهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ، فَأَجَابَهُمْ فَأَرْسَلُوا إِلَى حُجْرِ بْنِ عَدِيٍّ فَحَضَرَ عِنْدَ زِيَادٍ، فَلَمَّا رَآهُ قَالَ: مَرْحَبًا بِكَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَرْبٌ أَيَّامَ الْحَرْبِ، وَحَرْبٌ وَقَدْ سَالَمَ النَّاسُ، عَلَى أَهْلِهَا تَجْنِي بَرَاقِشُ، فَقَالَ حُجْرٌ: مَا خَلَعْتُ طَاعَةً، وَلَا فَارَقْتُ جَمَاعَةً، وَإِنِّي عَلَى بَيْعَتِي. فَأَمَرَ بِهِ إِلَى السِّجْنِ. فَلَمَّا وَلَّى قَالَ زِيَادٌ: وَاللَّهِ لَأَحْرِصَنَّ عَلَى قَطْعِ خَيْطِ رَقَبَتِهِ:
وَطَلَبَ أَصْحَابَهُ، فَخَرَجَ عَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ حَتَّى أَتَى الْمَوْصِلَ وَمَعَهُ رِفَاعَةُ بْنُ شَدَّادٍ فَاخْتَفَيَا بِجَبَلٍ هُنَاكَ، فَرُفِعَ خَبَرُهُمَا إِلَى عَامِلِ الْمَوْصِلِ، فَسَارَ إِلَيْهِمَا:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute