للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَانَ مِنْكُمْ، وَيَزِيدُ أَخُوكُمْ وَابْنُ عَمِّكُمْ وَأَرَدْتُ أَنْ تُقَدِّمُوهُ بِاسْمِ الْخِلَافَةِ وَتَكُونُوا أَنْتُمْ تَعْزِلُونَ وَتُؤَمِّرُونَ وَتَجْبُونَ الْمَالَ وَتَقْسِمُونَهُ لَا يُعَارِضُكُمْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.

فَسَكَتُوا. فَقَالَ: أَلَا تُجِيبُونَ؟ مَرَّتَيْنِ.

ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَقَالَ: هَاتِ لَعَمْرُكَ إِنَّكَ خَطِيبُهُمْ. فَقَالَ: نَعَمْ، نُخَيِّرُكَ بَيْنَ ثَلَاثِ خِصَالٍ:

قَالَ: اعْرِضْهُنَّ:

قَالَ: تَصْنَعُ كَمَا صَنَعَ رَسُولُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ كَمَا صَنَعَ أَبُو بَكْرٍ أَوْ كَمَا صَنَعَ عُمَرُ:

قَالَ مُعَاوِيَةُ: مَا صَنَعُوا؟ قَالَ: قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ أَحَدًا فَارْتَضَى النَّاسُ أَبَا بَكْرٍ:

قَالَ: لَيْسَ فِيكُمْ مِثْلُ أَبِي بَكْرٍ وَأَخَافُ الِاخْتِلَافَ:

قَالُوا: صَدَقْتَ فَاصْنَعْ كَمَا صَنَعَ أَبُو بَكْرٍ فَإِنَّهُ عَهِدَ إِلَى رَجُلٍ مِنْ قَاصِيَةِ قُرَيْشٍ لَيْسَ مِنْ بَنِي أَبِيهِ فَاسْتَخْلَفَهُ، وَإِنْ شِئْتَ فَاصْنَعْ كَمَا صَنَعَ عُمَرُ، جَعَلَ الْأَمْرَ شُورَى فِي سِتَّةِ نَفَرٍ لَيْسَ فِيهِمْ أَحَدٌ مِنْ وَلَدِهِ وَلَا مَنْ بَنِي أَبِيهِ:

قَالَ مُعَاوِيَةُ: هَلْ عِنْدَكَ غَيْرُ هَذَا؟ قَالَ: لَا.

ثُمَّ قَالَ: فَأَنْتُمْ؟ قَالُوا: قَوْلُنَا قَوْلُهُ.

قَالَ: فَإِنِّي قَدْ أَحْبَبْتُ أَنْ أَتَقَدَّمَ إِلَيْكُمْ، إِنَّهُ قَدْ أَعْذَرَ مَنْ أَنْذَرَ، إِنِّي كُنْتُ أَخْطُبُ فِيكُمْ فَيَقُومُ إِلَيَّ الْقَائِمُ مِنْكُمْ فَيُكَذِّبُنِي عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ فَأَحْمِلُ ذَلِكَ وَأَصْفَحُ، وَإِنِّي قَائِمٌ بِمَقَالَةٍ، فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ لَئِنْ رَدَّ عَلَيَّ أَحَدُكُمْ كَلِمَةً فِي مَقَامِي هَذَا لَا تَرْجِعُ إِلَيْهِ كَلِمَةٌ غَيْرُهَا حَتَّى يَسْبِقَهَا السَّيْفُ إِلَى رَأْسِهِ، فَلَا يُبْقِيَنَّ رَجُلٌ إِلَّا عَلَى نَفْسِهِ.

ثُمَّ دَعَا صَاحِبَ حَرَسِهِ بِحَضْرَتِهِمْ فَقَالَ: أَقِمْ عَلَى رَأْسِ كُلِّ رَجُلٍ مِنْ هَؤُلَاءِ رَجُلَيْنِ وَمَعَ كُلِّ وَاحِدٍ سَيْفٌ، فَإِنْ ذَهَبَ رَجُلٌ مِنْهُمْ يَرُدُّ عَلَيَّ كَلِمَةً بِتَصْدِيقٍ أَوْ تَكْذِيبٍ فَلْيَضْرِبَاهُ بِسَيْفَيْهِمَا.

ثُمَّ خَرَجَ وَخَرَجُوا مَعَهُ حَتَّى رَقَى الْمِنْبَرَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ الرَّهْطَ سَادَةُ الْمُسْلِمِينَ وَخِيَارُهُمْ لَا يُبَتُّ أَمْرٌ دُونَهُمْ وَلَا يُقْضَى إِلَّا عَنْ مَشُورَتِهِمْ، وَإِنَّهُمْ قَدْ رَضُوا وَبَايَعُوا لِيَزِيدَ، فَبَايِعُوا عَلَى اسْمِ اللَّهِ! فَبَايَعَ النَّاسُ، وَكَانُوا يَتَرَبَّصُونَ بَيْعَةَ هَؤُلَاءِ النَّفَرِ، ثُمَّ رَكِبَ رَوَاحِلَهُ وَانْصَرَفَ إِلَى الْمَدِينَةِ، فَلَقِيَ النَّاسُ أُولَئِكَ النَّفَرَ فَقَالُوا لَهُمْ: زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ لَا تُبَايِعُونَ فَلِمَ؟ أَرَضِيتُمْ وَأَعْطَيْتُمْ وَبَايَعْتُمْ؟ قَالُوا: وَاللَّهِ مَا فَعَلْنَا:

فَقَالُوا: مَا مَنَعَكُمْ أَنْ تَرُدُّوا عَلَى الرَّجُلِ؟ قَالُوا: كَادَنَا وَخِفْنَا الْقَتْلَ.

وَبَايَعَهُ أَهْلُ الْمَدِينَةِ، ثُمَّ انْصَرَفَ إِلَى الشَّامِ وَجَفَا بَنِي هَاشِمٍ، فَأَتَاهُ ابْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>