وَلَكِنْ كَانَ أَمْرًا فِيهِ لَبْسٌ ... عَلَى وَجَلٍ شَدِيدٍ وَارْتِيَاعِ
وَقَالَ أَيْضًا:
أَلَا أَبْلِغْ مُعَاوِيَةَ بْنَ حَرْبٍ ... مُغَلْغَلَةً مِنَ الرَّجُلِ الْيَمَانِي
أَتَغْضَبُ أَنْ يُقَالَ أَبُوكَ عَفٌّ ... وَتَرْضَى أَنْ يُقَالَ أَبُوكَ زَانِ
فَأَشْهَدُ أَنَّ رِحْمَكَ مِنْ زِيَادٍ ... كَرِحْمِ الْفِيلِ مِنْ وَلَدِ الْأَتَانِ
وَقَدِمَ يَزِيدُ بْنُ مُفَرِّغٍ الْبَصْرَةَ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ بِالشَّامِ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ أَخُوهُ عَبَّادٌ بِمَا كَانَ مِنْهُ، فَأَعْلَمَ عُبَيْدُ اللَّهِ مُعَاوِيَةَ بِهِ وَأَنْشَدَهُ الشِّعْرَ وَاسْتَأْذَنَهُ فِي قَتْلِ ابْنِ مُفَرِّغٍ، فَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ وَأَمَرَهُ بِتَأْدِيبِهِ.
وَلَمَّا قَدِمَ ابْنُ مُفَرِّغٍ الْبَصْرَةَ اسْتَجَارَ بِالْأَحْنَفِ وَغَيْرِهِ مِنَ الرُّؤَسَاءِ فَلَمْ يُجِرْهُ أَحَدٌ، فَاسْتَجَارَ بِالْمُنْذِرِ بْنِ الْجَارُودِ فَأَجَارَهُ وَأَدْخَلَهُ دَارَهُ، وَكَانَتِ ابْنَتُهُ عِنْدَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ، فَلَمَّا قَدِمَ عُبَيْدُ اللَّهِ الْبَصْرَةَ أُخْبِرَ بِمَكَانِ ابْنِ مُفَرِّغٍ، وَأَتَى الْمُنْذِرَ عُبَيْدُ اللَّهِ مُسَلِّمًا، فَأَرْسَلَ عُبَيْدُ اللَّهِ الشُّرَطَ إِلَى دَارِ الْمُنْذِرِ فَأَخَذُوا ابْنَ مُفَرِّغٍ وَأَتَوْهُ بِهِ وَالْمُنْذِرُ عِنْدَهُ، فَقَالَ لَهُ الْمُنْذِرُ: أَيُّهَا الْأَمِيرُ إِنِّي قَدْ أَجَرْتُهُ! فَقَالَ: يَا مُنْذِرُ يَمْدَحُكَ وَأَبَاكَ وَيَهْجُونِي وَأَبِي وَتُجِيرُهُ عَلَيَّ! ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَسُقِيَ دَوَاءً ثُمَّ حُمِلَ عَلَى حِمَارٍ وَطِيفَ بِهِ وَهُوَ يَسْلَحُ فِي ثِيَابِهِ، فَقَالَ يَهْجُو الْمُنْذِرَ:
تَرَكْتُ قُرَيْشًا أَنْ أُجَاوِرَ فِيهِمُ ... وَجَاوَرَتْ عَبْدَ الْقَيْسِ أَهْلَ الْمُشَقَّرِ
أُنَاسٌ أَجَارُونَا فَكَانَ جِوَارُهُمْ ... أَعَاصِيرَ مِنْ فَسْوِ الْعِرَاقِ الْمُبَذِّرَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute