للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَلَمَّا اشْتَدَّ مَرَضُهُ أَخَذَتِ ابْنَتُهُ رَمْلَةُ رَأْسَهُ فِي حِجْرِهَا وَجَعَلَتْ تُفَلِّيهِ، فَقَالَ: إِنَّكِ لَتُفَلِّينَهُ حُوَّلًا قُلَّبًا، جَمَعَ الْمَالَ مِنْ شُبٍّ إِلَى دُبٍّ، فَلَيْتَهُ لَا يَدْخُلُ النَّارَ! ثُمَّ تَمَثَّلَ:

لَقَدْ سَعَيْتُ لَكُمْ مِنْ سَعْيِ ذِي نَصَبٍ ... وَقَدْ كَفَيْتُكُمُ التَّطْوَافَ وَالرَّحَلَا

وَبَلَغَهُ أَنَّ قَوْمًا يَفْرَحُونَ بِمَوْتِهِ، فَأَنْشَدَ:

فَهَلْ مِنْ خَالِدٍ إِنْ مَا هَلَكْنَا ... وَهَلْ بِالْمَوْتِ يَا لِلنَّاسِ عَارُ؟

وَكَانَ فِي مَرَضِهِ رُبَّمَا اخْتَلَطَ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، فَقَالَ مَرَّةً: كَمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْغُوطَةِ؟ فَصَاحَتْ بِنْتُهُ: وَاحُزْنَاهُ! فَأَفَاقَ فَقَالَ:

إِنْ تَنْفِرِي فَقَدْ رَأَيْتِ مَنْفَرَا.

فَلَمَّا مَاتَ خَرَجَ الضَّحَّاكُ بْنُ قَيْسٍ حَتَّى صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَأَكْفَانُ مُعَاوِيَةَ عَلَى يَدَيْهِ، فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ قَالَ: إِنَّ مُعَاوِيَةَ كَانَ عُودَ الْعَرَبِ وَحَدَّ الْعَرَبِ وَجَدَّ الْعَرَبِ، قَطَعَ اللَّهُ بِهِ الْفِتْنَةَ وَمَلَّكَهُ عَلَى الْعِبَادِ وَفَتَحَ بِهِ الْبِلَادَ، إِلَّا أَنَّهُ قَدْ مَاتَ وَهَذِهِ أَكْفَانُهُ وَنَحْنُ مُدْرِجُوهُ فِيهَا وَمُدْخِلُوهُ قَبْرَهُ وَمُخَلُّونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَمَلِهِ ثُمَّ هُوَ الْهَرْجُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَمَنْ كَانَ يُرِيدُ [أَنْ] يَشْهَدَهُ فَعِنْدَ الْأُولَى.

وَصَلَّى عَلَيْهِ الضَّحَّاكُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>