للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحُسَيْنَ وَعَلِيًّا وَعَقِيلًا، فَلَمْ يُكَلِّمْهُ مُسْلِمٌ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَأُصْعِدَ فَوْقَ الْقَصْرِ لِتُضْرَبَ رَقَبَتُهُ وَيُتْبِعُوا رَأْسَهُ جَسَدَهُ، فَقَالَ مُسْلِمٌ لِابْنِ الْأَشْعَثِ: وَاللَّهِ لَوْلَا أَمَانُكَ مَا اسْتَسْلَمْتُ، قُمْ بِسَيْفِكَ دُونِي، قَدْ أَخَفَرْتُ ذِمَّتَكَ.

فَأُصْعِدَ مُسْلِمٌ فَوْقَ الْقَصْرِ وَهُوَ يَسْتَغْفِرُ وَيُسَبِّحُ، وَأُشْرِفَ بِهِ عَلَى مَوْضِعِ الْحَدَّائِينَ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ، وَكَانَ الَّذِي قَتَلَهُ بُكَيْرُ بْنُ حُمْرَانَ الَّذِي ضَرَبَهُ مُسْلِمٌ، ثُمَّ أَتْبَعَ رَأْسَهُ جَسَدَهُ.

فَلَمَّا نَزَلَ بُكَيْرٌ قَالَ لَهُ ابْنُ زِيَادٍ: مَا كَانَ يَقُولُ وَأَنْتُمْ تَصْعَدُونَ بِهِ؟ قَالَ: كَانَ يُسَبِّحُ وَيَسْتَغْفِرُ، (فَلَمَّا أَدْنَيْتُهُ لِأَقْتُلَهُ) قُلْتُ لَهُ: ادْنُ مِنِّي، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي (أَمْكَنَ مِنْكَ) وَأَقَادَنِي مِنْكَ! فَضَرَبْتُهُ ضَرْبَةً لَمْ تُغْنِ شَيْئًا، فَقَالَ: أَمَا تَرَى فِي خَدْشٍ تَخْدِشُنِيهِ وَفَاءً مِنْ دَمِكَ أَيُّهَا الْعَبْدُ؟ فَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ: وَفَخْرًا عِنْدَ الْمَوْتِ! قَالَ: ثُمَّ ضَرَبْتُهُ الثَّانِيَةَ فَقَتَلْتُهُ.

وَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ الْأَشْعَثِ فَكَلَّمُ ابْنَ زِيَادٍ فِي هَانِئٍ وَقَالَ لَهُ: قَدْ عَرَفْتَ مَنْزِلَتَهُ فِي الْمِصْرِ وَبَيْتَهُ، وَقَدْ عَلِمَ قَوْمُهُ أَنِّي أَنَا وَصَاحِبِي سُقْنَاهُ إِلَيْكَ، فَأَنْشُدُكَ اللَّهَ لَمَا وَهَبْتَهُ لِي فَإِنِّي أَكْرَهُ عَدَاوَةَ قَوْمِهِ:

فَوَعَدَهُ أَنْ يَفْعَلَ.

فَلَمَّا كَانَ مِنْ مُسْلِمٍ مَا كَانَ، بَدَا لَهُ فَأَمَرَ بِهَانِئٍ حِينَ قُتِلَ مُسْلِمٌ فَأُخْرِجَ إِلَى السُّوقِ فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ، قَتَلَهُ مَوْلًى تُرْكِيٌّ لَابْنِ زِيَادٍ، قَالَ: فَبَصُرَ بِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحُصَيْنِ الْمُرَادِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ بِخَازِرٍ مَعَ ابْنِ زِيَادٍ فَقَتَلَهُ.

فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزَّبِيرِ الْأَسَدِيُّ فِي قَتْلِ هَانِئٍ وَمُسْلِمٍ، وَقِيلَ قَالَهُ الْفَرَزْدَقُ، (الزَّبِيرُ بِفَتْحِ الزَّايِ وَكَسْرِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ) :

فَإِنْ كُنْتِ لَا تَدْرِينَ مَا الْمَوْتُ فَانْظُرِي ... إِلَى هَانِئٍ فِي السُّوقِ وَابْنِ عَقِيلِ

إِلَى بَطَلٍ قَدْ هَشَّمَ السَّيْفُ وَجْهَهُ ... وَآخَرَ يَهْوِي مِنْ طَمَارِ قَتِيلِ

وَهِيَ أَبْيَاتٌ. وَبَعَثَ ابْنُ زِيَادٍ بِرَأْسَيْهِمَا إِلَى يَزِيدَ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ يَزِيدُ يَشْكُرُهُ وَيَقُولُ لَهُ: وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ الْحُسَيْنَ قَدْ تَوَجَّهَ نَحْوَ الْعِرَاقِ، فَضَعِ الْمَرَاصِدَ وَالْمَسَالِحَ وَاحْتَرِسْ وَاحْبِسْ

<<  <  ج: ص:  >  >>