عَلَى التُّهْمَةِ وَخُذْ عَلَى الظِّنَّةِ، غَيْرَ أَنْ لَا تَقْتُلَ إِلَّا مَنْ قَاتَلَكَ.
وَقِيلَ: وَكَانَ مَخْرَجُ ابْنِ عَقِيلٍ بِالْكُوفَةِ لِثَمَانِي لَيَالٍ مَضَيْنَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ سِتِّينَ، وَقِيلَ: لِتَسَعٍ مَضَيْنَ مِنْهُ، قِيلَ وَكَانَ فِيمَنْ خَرَجَ مَعَهُ الْمُخْتَارُ بْنُ أَبِي عُبَيْدٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، فَطَلَبَهُمَا ابْنُ زِيَادٍ وَحَبَسَهُمَا، وَكَانَ فِيمَنْ قَاتَلَ مُسْلِمًا مُحَمَّدُ بْنُ الْأَشْعَثِ وَشَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ التَّمِيمِيُّ وَالْقَعْقَاعُ بْنُ شَوْرٍ، وَجَعَلَ شَبَثٌ يَقُولُ: انْتَظِرُوا بِهِمُ اللَّيْلَ يَتَفَرَّقُوا، فَقَالَ لَهُ الْقَعْقَاعُ: إِنَّكَ قَدْ سَدَدْتَ عَلَيْهِمْ وَجْهَ مَهْرَبِهِمْ فَافْرُجْ لَهُمْ يَتَفَرَّقُوا.
ذِكْرُ مَسِيرِ الْحُسَيْنِ إِلَى الْكُوفَةِ
قِيلَ لَمَّا أَرَادَ الْحُسَيْنُ الْمَسِيرَ إِلَى الْكُوفَةِ بِكُتُبِ أَهْلِ الْعِرَاقِ إِلَيْهِ أَتَاهُ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَهُوَ بِمَكَّةَ فَقَالَ لَهُ: إِنِّي أَتَيْتُكَ لِحَاجَةٍ أُرِيدُ ذِكْرَهَا نَصِيحَةً لَكَ، فَإِنْ كُنْتَ تَرَى أَنَّكَ مُسْتَنْصِحِي قُلْتُهَا وَأَدَّيْتُ مَا عَلَيَّ مِنَ الْحَقِّ فِيهَا، وَإِنْ ظَنَنْتَ أَنَّكَ لَا مُسْتَنْصِحِي كَفَفْتُ عَمَّا أُرِيدُ.
فَقَالَ لَهُ: قُلْ، فَوَاللَّهِ مَا أَسَتَغِشُّكَ وَمَا أَظُنُّكَ بِشَيْءٍ مِنَ الْهَوَى. قَالَ لَهُ: قَدْ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُرِيدُ الْعِرَاقَ، وَإِنِّي مُشْفِقٌ عَلَيْكَ، إِنَّكَ تَأْتِي بَلَدًا فِيهِ عُمَّالُهُ وَأُمَرَاؤُهُ وَمَعَهُمْ بُيُوتُ الْأَمْوَالِ، وَإِنَّمَا النَّاسُ عَبِيدُ الدُّنْيَا وَالدِّرْهَمِ، فَلَا آمَنُ عَلَيْكَ أَنْ يُقَاتِلَكَ مَنْ وَعَدَكَ نَصْرَهُ وَمَنْ أَنْتَ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِمَّنْ يُقَاتِلُكَ مَعَهُ.
فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا يَا ابْنَ عَمِّ، فَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ مَشَيْتَ بِنُصْحٍ وَتَكَلَّمْتَ بِعَقْلٍ، وَمَهْمَا يُقْضَ مِنْ أَمْرٍ يَكُنْ، أَخَذْتُ بِرَأْيِكَ أَوْ تَرَكْتُهُ، فَأَنْتَ عِنْدِي أَحْمَدُ مُشِيرٍ، وَأَنْصَحُ نَاصِحٍ.
قَالَ: وَأَتَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَهُ: قَدْ أَرْجَفَ النَّاسُ أَنَّكَ سَائِرٌ إِلَى الْعِرَاقِ، فَبَيِّنْ لِي مَا أَنْتَ صَانِعٌ؟ فَقَالَ لَهُ: قَدْ أَجْمَعْتُ السَّيْرَ فِي أَحَدِ يَوْمَيَّ هَذَيْنِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
فَقَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَإِنِّي أُعِيذُكَ بِاللَّهِ مِنْ ذَلِكَ، خَبِّرْنِي، رَحِمَكَ اللَّهُ، أَتَسِيرُ إِلَى قَوْمٍ قَتَلُوا أَمِيرَهُمْ وَضَبَطُوا بِلَادَهُمْ وَنَفَوْا عَدُوَّهُمْ؟ فَإِنْ كَانُوا فَعَلُوا ذَلِكَ فَسِرْ إِلَيْهِمْ، وَإِنْ كَانُوا إِنَّمَا دَعَوْكَ إِلَيْهِمْ وَأَمِيرُهُمْ عَلَيْهِمْ قَاهِرٌ لَهُمْ وَعُمَّالُهُ تَجْبِي بِلَادَهُمْ فَإِنَّمَا دَعَوْكَ إِلَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute