للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَوْلَمَ يَبْلُغْكُمْ قَوْلُ مُسْتَفِيضٍ [فِيكُمْ] : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِي وَلِأَخِي: «أَنْتُمَا سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ (وَقُرَّةُ عَيْنِ أَهْلِ السُّنَّةِ) » ؟ فَإِنْ صَدَّقْتُمُونِي بِمَا أَقُولُ، وَهُوَ الْحَقُّ، وَاللَّهِ مَا تَعَمَّدْتُ كَذِبًا مُذْ عَلِمْتُ أَنَّ اللَّهَ يَمْقُتُ عَلَيْهِ [أَهْلَهُ] ، وَإِنْ كَذَّبْتُمُونِي فَإِنَّ فِيكُمْ مَنْ إِنْ سَأَلْتُمُوهُ عَنْ ذَلِكَ أَخْبَرَكُمْ، سَلُوا جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ أَوْ أَبَا سَعِيدٍ أَوْ سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ أَوْ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ أَوْ أَنَسًا يُخْبِرُوكُمْ أَنَّهُمْ سَمِعُوهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَا فِي هَذَا حَاجِزٌ يَحْجِزُكُمْ عَنْ سَفْكِ دَمِي؟

فَقَالَ لَهُ شَمِرٌ: هُوَ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ إِنْ كَانَ يَدْرِي مَا يَقُولُ! فَقَالَ لَهُ حَبِيبُ بْنُ مُطَهِّرٍ: وَاللَّهِ إِنِّي أَرَاكَ تَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى سَبْعِينَ حَرْفًا، وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ طَبَعَ عَلَى قَلْبِكَ فَلَا تَدْرِي مَا تَقُولُ.

ثُمَّ قَالَ الْحُسَيْنُ: فَإِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا أَقُولُ أَوْ تَشُكُّونَ فِي أَنِّي ابْنُ بِنْتِ نَبِيِّكُمْ؟ فَوَاللَّهِ مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ابْنُ بِنْتِ نَبِيٍّ غَيْرِي مِنْكُمْ وَلَا مِنْ غَيْرِكُمْ.

أَخْبَرُونِي أَتَطْلُبُونِي بِقَتِيلٍ مِنْكُمْ قَتَلْتُهُ، أَوْ بِمَالٍ لَكُمُ اسْتَهْلَكْتُهُ أَوْ بِقِصَاصٍ مِنْ جِرَاحَةٍ؟ فَلَمْ يُكَلِّمُوهُ، فَنَادَى: يَا شَبَثُ بْنَ رِبْعِيٍّ! وَيَا حَجَّارُ بْنَ أَبْجَرَ! وَيَا قَيْسُ بْنَ الْأَشْعَثِ! وَيَا زَيْدُ بْنَ الْحَارِثِ! أَلَمْ تَكْتُبُوا إِلَيَّ فِي الْقُدُومِ عَلَيْكُمْ؟ قَالُوا: لَمْ نَفْعَلْ.

ثُمَّ قَالَ: بَلَى فَعَلْتُمْ.

ثُمَّ قَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ إِذْ كَرِهْتُمُونِي فَدَعُونِي أَنْصَرِفْ إِلَى مَأْمَنِي مِنَ الْأَرْضِ.

قَالَ: فَقَالَ لَهُ قَيْسُ بْنُ الْأَشْعَثِ: أَوَلَا تَنْزِلُ عَلَى حُكْمِ ابْنِ عَمِّكَ، يَعْنِي ابْنَ زِيَادٍ، فَإِنَّكَ لَنْ تَرَى إِلَّا مَا تُحِبُّ.

فَقَالَ لَهُ الْحُسَيْنُ: أَنْتَ أَخُو أَخِيكَ، أَتُرِيدُ أَنْ يَطْلُبَكَ بَنُو هَاشِمٍ بِأَكْثَرَ مِنْ دَمِ مُسْلِمِ بْنِ عَقِيلٍ؟ لَا وَاللَّهِ وَلَا أُعْطِيهِمْ بِيَدِي عَطَاءَ الذَّلِيلِ، وَلَا أُقِرُّ إِقْرَارَ الْعَبْدِ.

عِبَادَ اللَّهِ إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ، أَعُوذُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لَا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ ثُمَّ أَنَاخَ رَاحِلَتَهُ وَنَزَلَ عَنْهَا.

وَخَرَجَ زُهَيْرُ بْنُ الْقَيْنِ عَلَى فَرَسٍ لَهُ فِي السِّلَاحِ فَقَالَ: يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ، نَذَارِ لَكُمْ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ نَذَارِ، إِنَّ حَقًّا عَلَى الْمُسْلِمِ نَصِيحَةُ الْمُسْلِمِ، وَنَحْنُ حَتَّى الْآنَ إِخْوَةٌ عَلَى دِينٍ وَاحِدٍ مَا لَمْ يَقَعْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ السَّيْفُ، فَإِذَا وَقَعَ السَّيْفُ انْقَطَعَتِ الْعِصْمَةُ وَكُنَّا نَحْنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>