للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَبَايَعْتُ أَقْوَامًا وَفَيْتُ بِعَهْدِهِمْ ... وَبَبَّةُ قَدْ بَايَعَتْهُ غَيْرَ نَادِمِ

ذِكْرُ هَرَبِ ابْنِ زِيَادٍ إِلَى الشَّامِ

ثُمَّ إِنَّ الْأَزْدَ وَرَبِيعَةَ جَدَّدُوا الْحِلْفَ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْجَمَاعَةِ، وَأَنْفَقَ ابْنُ زِيَادٍ مَالًا كَثِيرًا فِيهِمْ حَتَّى تَمَّ الْحِلْفُ وَكَتَبُوا بِذَلِكَ بَيْنَهُمْ كِتَابَيْنِ، فَكَانَ أَحَدُهُمَا عِنْدَ مَسْعُودِ بْنِ عَمْرٍو. فَلَمَّا سَمِعَ الْأَحْنَفُ أَنَّ الْأَزْدَ طَلَبَتْ إِلَى رَبِيعَةَ ذَلِكَ، قَالَ: لَا يَزَالُونَ لَهُمْ أَتْبَاعًا إِذَا أَتَوْهُمْ.

فَلَمَّا تَحَالَفُوا اتَّفَقُوا عَلَى أَنْ يَرُدُّوا ابْنَ زِيَادٍ إِلَى دَارِ الْإِمَارَةِ، فَسَارُوا، وَرَئِيسُهُمْ مَسْعُودُ بْنُ عَمْرٍو، وَقَالُوا لِابْنِ زِيَادٍ: سِرْ مَعَنَا، فَلَمْ يَفْعَلْ وَأَرْسَلَ مَعَهُ مَوَالِيَهُ عَلَى الْخَيْلِ وَقَالَ لَهُمْ: لَا تَتَحَدَّثُوا بِخَيْرٍ وَلَا بِشَرٍّ إِلَّا أَتَيْتُمُونِي بِهِ، فَجَعَلَ مَسْعُودٌ لَا يَأْتِي سِكَّةً وَلَا يَتَجَاوَزُ قَبِيلَةً إِلَّا أَتَى بَعْضُ أُولَئِكَ الْغِلْمَانِ ابْنَ زِيَادٍ بِالْخَبَرِ، وَسَارَتْ رَبِيعَةُ، وَعَلَيْهِمْ مَالِكُ بْنُ مِسْمَعٍ، فَأَخَذُوا سِكَّةَ الْمِرْبَدِ، وَجَاءَ مَسْعُودٌ فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ فِي دَارِ الْإِمَارَةِ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّ مَسْعُودًا وَأَهْلَ الْيَمَنِ وَرَبِيعَةَ قَدْ سَارُوا وَسَيُهَيَّجُ بَيْنَ النَّاسِ شَرٌّ، فَلَوْ أَصْلَحْتَ بَيْنَهُمْ أَوْ رَكِبْتَ فِي بَنِي تَمِيمٍ عَلَيْهِمْ.

فَقَالَ: أَبْعَدَهُمُ اللَّهُ، لَا وَاللَّهِ لَا أُفْسِدَنَّ نَفْسِي فِي إِصْلَاحِهِمْ! وَجَعَلَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ مَسْعُودٍ يَقُولُ:

لَأُنْكِحَنَّ بَبَّهْ جَارِيَةً فِي قُبَّهْ ... تَمْشُطُ رَأْسَ لُعْبَهْ

هَذَا قَوْلُ الْأَزْدِ، وَأَمَّا قَوْلُ مُضَرَ فَيَقُولُونَ: إِنَّ أُمَّهُ كَانَتْ تُرَقِّصُهُ وَتَقُولُ هَذَا.

وَصَعِدَ مَسْعُودٌ الْمِنْبَرَ وَسَارَ مَالِكُ بْنُ مِسْمَعٍ نَحْوَ دُورِ بَنِي تَمِيمٍ حَتَّى دَخَلَ سِكَّةَ بَنِي الْعَدَوِيَّةِ فَحَرَّقَ دُورَهُمْ لِمَا فِي نَفْسِهِ لِاسْتِعْرَاضِ ابْنِ خَازِمٍ رَبِيعَةَ بِهَرَاةَ. وَجَاءَ بَنُو

<<  <  ج: ص:  >  >>