للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَيْ لَا يَهْرُبُ [فَيَفُوتَ] .

وَأَتَوْا مَسْعُودًا وَهُوَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَاسْتَنْزَلُوهُ فَقَتَلُوهُ، وَذَلِكَ أَوَّلُ شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ، وَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ، وَهَرَبَ أَشْيَمُ بْنُ شَقِيقِ بْنِ ثَوْرٍ فَطَعَنَهُ أَحَدُهُمْ فَنَجَا بِهَا، فَقَالَ الْفَرَزْدَقُ:

لَوْ أَنَّ أَشْيَمَ لَمْ يَسْبِقْ أَسِنَّتَنَا ... وَأَخْطَأَ الْبَابَ إِذْ نِيرَانُنَا تَقِدُ

إِذًا لَصَاحَبَ مَسْعُودًا وَصَاحِبَهُ ... وَقَدْ تَهَافَتَتِ الْأَعْفَاجُ وَالْكَبِدُ

وَلَمَّا صَعِدَ مَسْعُودٌ الْمِنْبَرَ أَتَى ابْنُ زِيَادٍ فَقِيلَ لَهُ ذَلِكَ، فَتَهَيَّأَ لِيَجِيءَ إِلَى دَارِ الْإِمَارَةِ، فَأَتَوْهُ وَقَالُوا لَهُ: إِنَّهُ قُتِلَ مَسْعُودٌ، فَرَكِبَ وَلَحِقَ بِالشَّامِ.

فَأَمَّا مَالِكُ بْنُ مِسْمَعٍ فَأَتَاهُ مِنْ مُضَرَ فَحَصَرُوهُ فِي دَارِهِ وَحَرَّقُوا دَارَهُ.

وَلَمَّا هَرَبَ ابْنُ زِيَادٍ تَبِعُوهُ فَأَعْجَزَهُمْ فَنَهَبُوا مَا وَجَدُوا لَهُ، فَفِي ذَلِكَ يَقُولُ وَاقَدُ بْنُ خَلِيفَةَ التَّمِيمِيُّ:

يَا رُبَّ جَبَّارٍ شَدِيدِ كَلْبُهْ ... قَدْ صَارَ فِينَا تَاجُهُ وَسَلَبُهْ

مِنْهُمْ عُبَيْدُ اللَّهِ يَوْمَ نَسْلُبُهْ ... جِيَادَهُ وَبَزَّهُ وَنَنْهَبُهْ

يَوْمَ الْتَقَى مِقْنَبُنَا وَمِقْنَبُهْ ... لَوْ لَمْ يُنَجِّ ابْنَ زِيَادٍ هَرَبُهْ

وَقَدْ قِيلَ فِي قَتْلِ مَسْعُودٍ وَمَسِيرِ ابْنِ زِيَادٍ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ، هُوَ أَنَّهُ لَمَّا اسْتَجَارَ ابْنُ زِيَادٍ بِمَسْعُودِ بْنِ عَمْرٍو أَجَارَهُ، ثُمَّ سَارَ ابْنُ زِيَادٍ إِلَى الشَّامِ وَأَرْسَلَ مَعَهُ مَسْعُودٌ مِائَةً مِنَ الْأَزْدِ حَتَّى قَدِمُوا بِهِ إِلَى الشَّامِ، فَبَيْنَمَا هُوَ يَسِيرُ ذَاتَ لَيْلَةٍ قَالَ: قَدْ ثَقُلَ عَلَيَّ رُكُوبُ الْإِبِلِ فَوَطِّئُوا لِي عَلَى ذِي حَافِرٍ، فَجَعَلُوا لَهُ قَطِيفَةً عَلَى حِمَارٍ، فَرَكِبَهُ ثُمَّ سَارَ وَسَكَتَ طَوِيلًا.

قَالَ مُسَافِرُ بْنُ شُرَيْحٍ الْيَشْكُرِيُّ: فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لَئِنْ كَانَ نَائِمًا لَأُنَغِّصَنَّ عَلَيْهِ نَوْمَهُ، فَدَنَوْتُ مِنْهُ فَقُلْتُ: أَنَائِمٌ أَنْتَ؟ قَالَ: لَا، كُنْتُ أُحَدِّثَ نَفْسِي.

قُلْتُ: أَفَلَا

<<  <  ج: ص:  >  >>