للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أُحَدِّثُكَ بِمَا كُنْتَ تُحَدِّثُ بِهِ نَفْسَكَ؟ قَالَ: هَاتِ.

قُلْتُ: كُنْتَ تَقُولُ: لَيْتَنِي لَمْ أَقْتُلْ حُسَيْنًا.

قَالَ: وَمَاذَا؟ قُلْتُ: تَقُولُ: لَيْتَنِي لَمْ أَكُنْ قَتَلْتُ مَنْ قَتَلْتُ.

قَالَ: وَمَاذَا؟ قُلْتُ: تَقُولُ: لَيْتَنِي لَمْ أَكُنْ بَنَيْتُ الْبَيْضَاءَ.

قَالَ: وَمَاذَا؟ قُلْتُ: تَقُولُ: لَيْتَنِي لَمْ أَكُنِ اسْتَعْمَلْتُ الدَّهَاقِينَ.

قَالَ: وَمَاذَا؟ قُلْتُ: تَقُولُ: لَيْتَنِي كُنْتُ أَسْخَى مِمَّا كُنْتُ.

قَالَ: أَمَّا قَتْلِي الْحُسَيْنَ فَإِنَّهُ أَشَارَ إِلَيَّ يَزِيدُ بِقَتْلِهِ أَوْ قَتْلِي فَاخْتَرْتُ قَتْلَهُ، وَأَمَّا الْبَيْضَاءُ فَإِنِّي اشْتَرَيْتُهَا مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ الثَّقَفِيِّ وَأَرْسَلَ إِلَيَّ يَزِيدُ بِأَلْفِ أَلْفٍ فَأَنْفَقَهَا عَلَيْهَا، فَإِنْ بَقِيَتْ فَلِأَهْلِي، وَإِنْ هَلَكْتُ لَمْ آسَ عَلَيْهَا، وَأَمَّا اسْتِعْمَالُ الدَّهَاقِينِ فَإِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ (وَزَاذَانَ فَرُّوخٍ وَقَعَا فِيَّ عِنْدَ مُعَاوِيَةَ [حَتَّى ذَكَرُوا قُشُورَ الْأَرُزِّ] فَبَلَغَا بِخَرَاجِ الْعِرَاقِ مِائَةَ أَلْفِ أَلْفٍ، فَخَيَّرَنِي مُعَاوِيَةُ بَيْنَ الْعَزْلِ وَالضَّمَانِ، فَكَرِهْتُ الْعَزْلَ، فَكُنْتُ إِذَا اسْتَعْمَلْتُ الْعَرَبِيَّ كَسَرَ الْخَرَاجَ، فَإِنْ أَغْرَمْتُ عَشِيرَتَهُ أَوْ طَالَبْتُهُ أَوْغَرْتُ صُدُورَهُمْ، وَإِنْ تَرَكْتُهُ تَرَكْتُ مَالَ اللَّهِ وَأَنَا أَعْرِفُ مَكَانَهُ، فَوَجَدْتُ الدَّهَاقِينَ أَبْصَرَ بِالْجِبَايَةِ وَأَوْفَى بِالْأَمَانَةِ وَأَهْوَنَ بِالْمُطَالَبَةِ مِنْكُمْ، مَعَ أَنِّي قَدْ جَعَلْتُكُمْ أُمَنَاءَ عَلَيْهِمْ لِئَلَّا يَظْلِمُوا أَحَدًا، وَأَمَّا قَوْلُكَ فِي السَّخَاءِ فَمَا كَانَ لِي مَالٌ فَأَجُودَ بِهِ عَلَيْكُمْ، وَلَوْ شِئْتُ لَأَخَذْتُ بَعْضَ مَالِكُمْ فَخَصَصْتُ بِهِ بَعْضَكُمْ دُونَ بَعْضٍ فَيَقُولُونَ مَا أَسْخَاهُ.

وَأَمَّا قَوْلُكَ لَيْتَنِي لَمْ أَكُنْ قَتَلْتُ مَنْ قَتَلْتُ فَمَا عَمِلْتُ بَعْدَ كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ عَمَلًا هُوَ أَقْرَبُ إِلَى اللَّهِ عِنْدِي مِنْ قَتْلِ مَنْ قَتَلْتُ مِنَ الْخَوَارِجِ، وَلَكِنِّي سَأُخْبِرُكَ بِمَا حَدَّثْتُ بِهِ نَفْسِي، قُلْتُ: لَيْتَنِي كُنْتُ قَاتَلْتُ أَهْلَ الْبَصْرَةِ فَإِنَّهُمْ بَايَعُونِي طَائِعِينَ، وَلَقَدْ حَرَصْتُ عَلَى ذَلِكَ، وَلَكِنَّ بَنِي زِيَادٍ قَالُوا: إِنْ قَاتَلْتَهُمْ فَظَهَرُوا عَلَيْكَ لَمْ يُبْقُوا مِنَّا أَحَدًا، وَإِنَّ تَرَكْتَهُمْ تَغَيَّبَ الرَّجُلُ مِنَّا عِنْدَ أَخْوَالِهِ وَأَصْهَارِهِ فَوَقَعْتُ بِهِمْ، فَكُنْتُ أَقُولُ: لَيْتَنِي أَخْرَجْتُ أَهْلَ السِّجْنِ فَضَرَبْتُ أَعْنَاقَهُمْ، وَأَمَّا إِذْ فَاتَتْ هَاتَانِ فَلَيْتَنِي أَقْدَمُ الشَّامَ وَلَمْ يُبْرِمُوا أَمْرًا.

قَالَ: فَقَدِمَ الشَّامَ وَلَمْ يُبْرِمُوا أَمْرًا، [فَكَأَنَّمَا] كَانُوا مَعَهُ صِبْيَانًا، وَقِيلَ: بَلْ قَدِمَ وَقَدْ أَبْرَمُوا فَنَقَضَ عَلَيْهِمْ مَا أَبْرَمُوا.

فَلَمَّا سَارَ مِنَ الْبَصْرَةِ اسْتَخْلَفَ مَسْعُودًا عَلَيْهَا، فَقَالَ بَنُو تَمِيمٍ وَقَيْسٌ: لَا نَرْضَى بِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>