وَكَانَتِ الْوَقْعَةُ فِي الْمُحَرَّمِ سَنَةَ خَمْسٍ وَسِتِّينَ، وَقِيلَ: بَلْ كَانَتْ فِي آخِرِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ.
وَلَمَّا رَأَى مَرْوَانُ رَأْسَ الضَّحَّاكِ سَاءَهُ ذَلِكَ وَقَالَ: الْآنَ حِينَ كَبِرَتْ سِنِّي وَدَقَّ عَظْمِي وَصِرْتُ فِي مِثْلِ ظِمْءِ الْحِمَارِ، أَقْبَلْتُ بِالْكَتَائِبِ أَضْرِبُ بَعْضَهَا بَعْضًا! وَلَمَّا انْهَزَمَ النَّاسُ مِنَ الْمَرْجِ لَحِقُوا بِأَجْنَادِهِمْ، فَانْتَهَى أَهْلُ حِمْصَ إِلَيْهَا وَعَلَيْهَا النُّعْمَانُ بْنُ بَشِيرٍ، فَلَمَّا بَلَغَهُ الْخَبَرُ خَرَجَ هَارِبًا لَيْلًا وَمَعَهُ امْرَأَتُهُ نَائِلَةُ بِنْتُ عُمَارَةَ الْكَلْبِيَّةُ وَثَقَلُهُ وَأَوْلَادُهُ، فَتَحَيَّرَ لَيْلَتَهُ كُلَّهَا، وَأَصْبَحَ أَهْلُ حِمْصَ فَطَلَبُوهُ، وَكَانَ طَلَبَهُ عَمْرُو بْنُ الْجَلِيِّ الْكَلَاعِيُّ، فَقَتَلَهُ وَرَدَّ أَهْلَهُ وَالرَّأْسَ مَعَهُ، وَجَاءَتْ كَلْبٌ مِنْ أَهْلِ حِمْصَ فَأَخَذُوا نَائِلَةَ وَوَلَدَهَا مَعَهَا.
وَلَمَّا بَلَغَتِ الْهَزِيمَةُ زُفَرَ بْنَ الْحَارِثِ الْكِلَابِيَّ بِقِنِّسْرِينَ هَرَبَ مِنْهَا فَلَحِقَ بِقَرْقِيسْيَا وَعَلَيْهَا عِيَاضٌ الْحَرَشِيُّ، وَكَانَ يَزِيدُ وَلَّاهُ إِيَّاهَا، فَطَلَبَ مِنْهُ أَنْ يَدْخُلَ الْحَمَّامَ، وَيَحْلِفَ لَهُ بِالطَّلِاقِ وَالْعِتَاقِ عَلَى أَنَّهُ حِينَمَا يَخْرُجُ مِنَ الْحَمَّامِ لَا يُقِيمُ بِهَا، فَأَذِنَ لَهُ، فَدَخَلَهَا فَغَلَبَ عَلَيْهَا وَتَحَصَّنَ بِهَا وَلَمْ يَدْخُلْ حَمَّامَهَا، فَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ قِيسٌ.
وَهَرَبَ نَاتِلُ بْنُ قَيْسٍ الْجُذَامِيُّ عَنْ فِلَسْطِينَ فَلَحِقَ بِابْنِ الزُّبَيْرِ بِمَكَّةَ، وَاسْتَعْمَلَ مَرْوَانُ بَعْدَهُ عَلَى فِلَسْطِينَ رَوْحَ بْنَ زِنْبَاعٍ وَاسْتَوْثَقَ الشَّامُ لِمَرْوَانَ وَاسْتَعْمَلَ عُمَّالَهُ عَلَيْهَا.
وَقِيلَ: إِنَّ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ زِيَادٍ إِنَّمَا جَاءَ إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ وَهُمْ بِتَدْمُرَ، وَمَرْوَانُ يُرِيدُ أَنْ يَسِيرَ إِلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ لِيُبَايِعَهُ وَيَأْخُذَ مِنْهُ الْأَمَانَ لِبَنِي أُمَيَّةَ، فَرَدَّهُ عَنْ ذَلِكَ وَأَمَرَهُ أَنْ يَسِيرَ بِأَهْلِ تَدْمُرَ إِلَى الضَّحَّاكِ فَيُقَاتِلَهُ، وَوَافَقَهُ عَمْرُو بْنَ سَعِيدٍ وَأَشَارَ عَلَى مَرْوَانَ بِأَنْ يَتَزَوَّجَ أُمَّ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ لِيَسْقُطَ مِنْ أَعْيُنِ النَّاسِ فَتَزَوَّجَهَا، وَهِيَ فَاخِتَةُ ابْنَةُ أَبِي هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ، ثُمَّ جَمَعَ بَنِي أُمَيَّةَ فَبَايَعُوهُ وَبَايَعَهُ أَهْلُ تَدْمُرَ، وَسَارَ إِلَى الضَّحَّاكِ فِي جَمْعٍ عَظِيمٍ، فَخَرَجَ الضَّحَّاكُ إِلَيْهِ فَتَقَاتَلَا فَانْهَزَمَ الضَّحَّاكُ وَمَنْ مَعَهُ وَقُتِلَ الضَّحَّاكُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute