قُرَيْشٍ وَمُجَّانِ الْعَرَبِ، فَسَارَتْ إِلَيْهِ طَائِفَةٌ فَقَتَلُوهُ، فَنَحْنُ لَهُمْ أَوْلِيَاءُ وَمِنَ ابْنِ عَفَّانَ وَأَوْلِيَائِهِ بُرَآءُ، فَمَا تَقُولُ أَنْتَ يَا ابْنَ الزُّبَيْرِ؟ فَقَالَ: قَدْ فَهِمْتُ الَّذِي ذَكَرْتَ بِهِ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهُوَ فَوْقَ مَا ذَكَرْتَ وَفَوْقَ مَا وَصَفْتَ، وَفَهِمْتُ مَا ذَكَرْتَ بِهِ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ، وَقَدْ وُفِّقْتَ وَأَصَبْتَ، وَفَهِمْتُ الَّذِي ذَكَرْتَ بِهِ عُثْمَانَ، وَإِنِّي لَا أَعْلَمُ مَكَانَ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ الْيَوْمَ أَعْلَمَ بِابْنِ عَفَّانَ وَأَمْرِهِ مِنِّي، كُنْتُ مَعَهُ حَيْثُ نَقَمَ [الْقَوْمُ] عَلَيْهِ وَاسْتَعْتَبُوهُ فَلَمْ يَدَعْ شَيْئًا إِلَّا أَعْتَبَهُمْ، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَيْهِ بِكِتَابٍ لَهُ يَزْعُمُونَ أَنَّهُ كَتَبَهُ يَأْمُرُ فِيهِ بِقَتْلِهِمْ، فَقَالَ لَهُمْ: مَا كَتَبْتُهُ فَإِنْ شِئْتُمْ فَهَاتُوا بَيِّنَتَكُمْ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ حَلَفْتُ لَكُمْ، فَوَاللَّهِ مَا جَاءُوهُ بِبَيِّنَةٍ وَلَا اسْتَحْلَفُوهُ وَوَثَبُوا عَلَيْهِ فَقَتَلُوهُ، وَقَدْ سَمِعْتُ مَا عَتَبْتَهُ بِهِ، فَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ هُوَ لِكُلِّ خَيْرٍ أَهْلٌ، وَأَنَا أُشْهِدُكُمْ وَمَنْ حَضَرَنِي أَنِّي وَلِيٌّ لِابْنِ عَفَّانَ وَعَدُوُّ أَعْدَائِهِ فَبَرِئَ اللَّهُ مِنْكُمْ.
وَتَفَرَّقَ الْقَوْمُ فَأَقْبَلَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ الْحَنْظَلِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّفَّارِ السَّعْدِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبَاضٍ وَحَنْظَلَةُ بْنُ بَيْهَسٍ وَبَنُو الْمَاحُوزِ: عَبْدُ اللَّهِ وَعُبَيْدُ اللَّهِ وَالزُّبَيْرُ مِنْ بَنِي سَلِيطِ بْنِ يَرْبُوعٍ، وَكُلُّهُمْ مِنْ تَمِيمٍ، حَتَّى أَتَوُا الْبَصْرَةَ، وَانْطَلَقَ أَبُو طَالُوتَ، مِنْ بَنِي بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ، وَأَبُو فُدَيْكٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ ثَوْرِ بْنِ قَيْسِ بْنِ ثَعْلَبَةَ، وَعَطِيَّةُ بْنُ الْأَسْوَدِ الْيَشْكُرِيُّ إِلَى الْيَمَامَةِ، فَوَثَبُوا بِهَا مَعَ أَبِي طَالُوتَ، ثُمَّ أَجْمَعُوا بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى نَجْدَةَ بْنِ عَامِرٍ الْحَنَفِيِّ وَتَرَكُوا أَبَا طَالُوتَ.
فَأَمَّا نَافِعٌ وَأَصْحَابُهُ فَإِنَّهُمْ قَدِمُوا الْبَصْرَةَ وَهُمْ عَلَى رَأْيِ أَبِي بِلَالٍ، وَاجْتَمَعُوا وَتَذَاكَرُوا فَضِيلَةَ الْجِهَادِ، فَخَرَجَ نَافِعٌ عَلَى ثَلَاثِمِائَةٍ، وَذَلِكَ عِنْدَ وُثُوبِ النَّاسِ بِابْنِ زِيَادٍ وَكَسْرِ الْخَوَارِجِ بَابَ السِّجْنِ، وَخَرَجُوا وَاشْتَغَلَ النَّاسُ عَنْهُمْ بِحَرْبِ الْأَزْدِ وَرَبِيعَةَ وَتَمِيمٍ، فَلَمَّا خَرَجَ نَافِعٌ تَبِعُوهُ، وَاصْطَلَحَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ، فَتَجَرَّدَ النَّاسُ لِلْخَوَارِجِ وَأَخَافُوهُمْ، فَلَحِقَ نَافِعٌ بِالْأَهْوَازِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ، وَخَرَجَ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ بِالْبَصْرَةِ إِلَى ابْنِ الْأَزْرَقِ إِلَّا مَنْ لَمْ يُرِدِ الْخُرُوجَ يَوْمَهُ ذَلِكَ، مِنْهُمْ: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الصَّفَّارِ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبَاضٍ، وَرِجَالٌ مَعَهُمَا عَلَى رَأْيِهِمَا، وَنَظَرَ نَافِعٌ فَرَأَى أَنَّ وِلَايَةَ مَنْ تَخَلَّفَ عَنِ الْجِهَادِ مِنَ الَّذِينَ قَعَدُوا مِنَ الْخَوَارِجِ لَا تَحِلُّ لَهُ، وَأَنَّ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْهُ لَا نَجَاةَ لَهُ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ ذَلِكَ وَدَعَاهُمْ إِلَى الْبَرَاءَةِ مِنْهُمْ وَأَنَّهُمْ لَا يَحِلُّ لَهُمْ مُنَاكَحَتُهُمْ وَلَا أَكْلُ ذَبَائِحِهِمْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute