للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشُّرَطِ مُظْهِرِينِ السِّلَاحَ. فَقَالَ: مَنْ أَنْتُمْ؟ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: أَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ. فَقَالَ إِيَاسٌ: مَا هَذَا الْجَمْعُ الَّذِي مَعَكَ وَمَا تُرِيدُ؟ لَسْتُ بِتَارِكِكَ حَتَّى آتِيَ بِكَ الْأَمِيرَ. فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ: خَلِّ سَبِيلًا. قَالَ: لَا أَفْعَلُ، وَكَانَ مَعَ إِيَاسِ بْنِ مُضَارِبٍ رَجُلٌ مِنْ هَمْدَانَ يُقَالُ لَهُ أَبُو قَطَنٍ، وَكَانَ يُكْرِمُهُ، وَكَانَ صَدِيقًا لِابْنِ الْأَشْتَرِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُ الْأَشْتَرِ: ادْنُ مِنِّي يَا أَبَا قَطَنٍ، فَدَنَا مِنْهُ، وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ يَطْلُبُ مِنْهُ أَنْ يَشْفَعَ فِيهِ إِلَى إِيَاسٍ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ أَخَذَ رُمْحًا كَانَ مَعَهُ وَطَعَنَ بِهِ إِيَاسًا فِي ثَغْرَةِ نَحْرِهِ فَصَرَعَهُ، وَأَمَرَ رَجُلًا مِنْ قَوْمِهِ فَاحْتَزَّ رَأْسَهُ، وَتَفَرَّقَ أَصْحَابُ إِيَاسٍ وَرَجَعُوا إِلَى ابْنِ مُطِيعٍ.

فَبَعَثَ مَكَانَهُ ابْنَهُ رَاشِدَ بْنَ إِيَاسٍ عَلَى الشُّرَطِ، وَبَعَثَ مَكَانَ رَاشِدٍ إِلَى الْكُنَاسَةِ سُوِيدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمِنْقَرِيَّ أَبَا الْقَعْقَاعِ بْنَ سُوَيْدٍ. وَأَقْبَلَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْأَشْتَرِ إِلَى الْمُخْتَارِ وَقَالَ لَهُ: إِنَّا اتَّعَدْنَا لِلْخُرُوجِ الْقَابِلَةَ، وَقَدْ جَاءَ أَمْرٌ لَا بُدَّ مِنَ الْخُرُوجِ اللَّيْلَةَ، وَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ، فَفَرِحَ الْمُخْتَارُ بِقَتْلِ إِيَاسٍ وَقَالَ: هَذَا أَوَّلُ الْفَتْحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى! ثُمَّ قَالَ لِسَعِيدِ بْنِ مُنْقِذٍ: قُمْ فَأَشْعِلِ النِّيرَانَ فِي الْهَوَادِي وَالْقَصَبَ وَارْفَعْهَا وَسِرْ أَنْتَ يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ شَدَّادٍ فَنَادِ: يَا مَنْصُورُ أَمِتْ، وَقُمْ أَنْتَ يَا سُفْيَانُ بْنَ لَيْلَى وَأَنْتَ يَا قُدَامَةُ بْنَ مَالِكٍ فَنَادِيَا: يَا لَثَارَاتِ الْحُسَيْنِ! ثُمَّ لَبِسَ سِلَاحَهُ.

فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ: إِنَّ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ فِي الْجَبَابِينِ يَمْنَعُونَ أَصْحَابَنَا مِنْ إِتْيَانِنَا فَلَوْ سِرْتُ إِلَى قَوْمِي بِمَنْ مَعِي وَدَعَوْتُ مَنْ أَجَابَنِي وَسِرْتُ بِهِمْ فِي نَوَاحِي الْكُوفَةِ وَدَعَوْتُ بِشِعَارِنَا لَخَرَجَ إِلَيْنَا مَنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ وَمَنْ أَتَاكَ حَبَسْتَهُ عِنْدَكَ إِلَى مَنْ مَعَكَ، فَإِنْ عُوجِلْتَ كَانَ عِنْدَكَ مَنْ يَمْنَعُكَ إِلَى أَنْ آتِيَكَ. فَقَالَ لَهُ: افْعَلْ وَعَجِّلْ وَإِيَّاكَ أَنْ تَسِيرَ إِلَى أَمِيرِهِمْ تُقَاتِلُهُ وَلَا تُقَاتِلْ أَحَدًا وَأَنْتَ تَسْتَطِيعُ أَنْ لَا تُقَاتِلَهُ إِلَّا أَنْ يَبْدَأَكَ أَحَدٌ بِقِتَالٍ.

فَخَرَجَ إِبْرَاهِيمُ وَأَصْحَابُهُ حَتَّى أَتَى قَوْمَهُ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ جُلُّ مَنْ كَانَ أَجَابَهُ، وَسَارَ بِهِمْ فِي سِكَكِ الْمَدِينَةِ لَيْلًا طَوِيلًا وَهُوَ يَنْتَخِبُ الْمَوَاضِعَ الَّتِي فِيهَا الْأُمَرَاءُ الَّذِينَ وَضَعَهُمُ ابْنُ مُطِيعٍ، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى مَسْجِدِ السَّكُونِ أَتَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ خَيْلِ زَحْرِ بْنِ قَيْسٍ الْجُعْفِيِّ لَيْسَ عَلَيْهِمْ أَمِيرٌ، فَحَمَلَ عَلَيْهِمْ إِبْرَاهِيمُ فَكَشَفَهُمْ حَتَّى أَدْخَلَهُمْ جَبَّانَةَ كِنْدَةَ وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنَا غَضِبْنَا لِأَهْلِ بَيْتِ نَبِيِّكَ وَثُرْنَا لَهُمْ فَانْصُرْنَا عَلَى هَؤُلَاءِ.

ثُمَّ رَجَعَ إِبْرَاهِيمُ عَنْهُمْ بَعْدَ أَنْ هَزَمَهُمْ، ثُمَّ سَارَ حَتَّى أَتَى جَبَّانَةَ أُثَيْرٍ، فَتَنَادَوْا بِشِعَارِهِمْ، فَوَقَفَ فِيهَا، فَأَتَاهُ سُوِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمِنْقَرِيُّ وَرَجَا أَنْ يُصِيبَهُمْ فَيَحْظَى بِهَا عِنْدَ ابْنِ مُطِيعٍ، فَلَمْ يَشْعُرْ بِهِ إِبْرَاهِيمُ إِلَّا وَهُوَ مَعَهُ فَقَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَصْحَابِهِ: يَا شُرْطَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>