للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَانْهَزَمَ زُفَرُ يَوْمَئِذٍ، وَهُوَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ، فَلَحِقَ بِقَرْقِيسِيَا، وَذَلِكَ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ قَدْ عَزَمَ عَلَى الْحَرَكَةِ إِلَيْهِ بِقَرْقِيسِيَا، فَبَادَرَ لِلتَّأَهُّبِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ ادَّعَى ذَلِكَ حِينَ فَرَّ اعْتِذَارًا، وَانْهَزَمَتْ قَيْسٌ وَرَكِبَتْ تَغْلِبُ وَمَنْ مَعَهَا أَكْتَافَهُمْ يَقُولُونَ: أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّ تَغْلِبَ تَغْلِبُ؟

وَشَدَّ عَلَى عُمَيْرٍ جُمَيْلُ بْنُ قَيْسٍ مِنْ بَنِي كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ فَقَتَلَهُ، وَقِيلَ: بَلْ تَغَاوَى عَلَى عُمَيْرٍ غُلَامَانِ مِنْ بَنِي تَغْلِبَ فَرَمَيَاهُ بِالْحِجَارَةِ، وَقَدْ أَعْيَا فَأَثْخَنَاهُ، وَكَرَّ عَلَيْهِ ابْنُ هَوْبَرٍ فَقَتَلَهُ.

وَأَصَابَتِ ابْنَ هَوْبَرٍ يَوْمَئِذٍ جِرَاحَةٌ، فَلَمَّا انْقَضَتِ الْحَرْبُ أَوْصَى بَنِي تَغْلِبَ بِأَنْ يُوَلُّوا أَمْرَهُمْ مُرَادَ بْنَ عَلْقَمَةَ الزُّهَيْرِيَّ.

وَقِيلَ: خَرَجَ ابْنُ هَوْبَرٍ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِهِمْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ، وَأَوْصَى أَنْ يُوَلُّوا أَمْرَهُمْ مُرَادًا، وَمَاتَ مِنْ لَيْلَتِهِ، وَكَانَ مُرَادٌ رَئِيسَهُمْ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، فَعَبَّأَهُمْ عَلَى رَايَاتِهِمْ، وَأَمَرَ كُلَّ بَنِي أَبٍ أَنْ يَجْعَلُوا نِسَاءَهُمْ خَلْفَهُمْ، فَلَمَّا أَبْصَرَهُمْ عُمَيْرٌ قَالَ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، قَالَ الشَّاعِرُ:

أَرِقْتُ بِأَثْنَاءِ الْفُرَاتِ وَشَفَّنِي ... نَوَائِحُ أَبْكَاهَا قَتِيلُ ابْنِ هَوْبَرِ

وَلَمْ تَظْلِمِي إِنْ نُحْتِ أُمَّ مُغَلِّسٍ ... قَتِيلَ النَّصَارَى فِي نَوَائِحِ حُسَّرِ

وَقَالَ بَعْضُ الشُّعَرَاءِ يُنْكِرُ قَتْلَ ابْنِ هَوْبَرٍ عُمَيْرًا:

وَإِنَّ عُمَيْرًا يَوْمَ لَاقَتْهُ تَغْلِبُ ... قَتِيلُ جُمَيْلٍ لَا قَتِيلُ ابْنِ هَوْبَرِ

وَكَثُرَ الْقَتْلُ يَوْمَئِذٍ فِي بَنِي سُلَيْمٍ وَغَنِيٍّ خَاصَّةً، وَقُتِلَ مِنْ قَيْسٍ أَيْضًا يَوْمَئِذٍ بَشَرٌ كَثِيرٌ، وَبَعَثَتْ بَنُو تَغْلِبَ رَأْسَ عُمَيْرِ بْنِ الْحُبَابِ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ بِدِمَشْقَ، فَأَعْطَى الْوَفْدَ وَكَسَاهُمْ. فَلَمَّا صَالَحَ عَبْدُ الْمَلِكِ زُفَرَ بْنَ الْحَارِثِ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ عَلَيْهِ قَالَ الْأَخْطَلُ

: بَنِي أُمَيَّةَ قَدْ تَنَاضَلَتْ دُونَكُمُ ... أَبْنَاءُ قَوْمٍ هُمُ آوَوْا وَهُمْ نَصَرُوا

وَقَيْسُ عَيْلَانَ حَتَّى أَقْبَلُوا رَقَصًا ... فَبَايَعُوا لَكَ قَسْرًا بَعْدَمَا قُهِرُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>