ضَجُّوا مِنَ الْحَرْبِ إِذْ عُضَّتْ غَوَارِبُهُمْ
وَقَيْسُ عَيْلَانَ مِنْ أَخْلَاقِهَا الضَّجَرُ
فِي أَبْيَاتٍ كَثِيرَةٍ.
فَلَمَّا قُتِلَ عُمَيْرُ بْنُ الْحُبَابِ وَقَفَ رَجُلٌ عَلَى أَسْمَاءَ بْنِ خَارِجَةَ الْفَزَارِيِّ بِالْكُوفَةِ فَقَالَ: قَتَلَتْ بَنُو تَغْلِبَ عُمَيْرَ بْنَ الْحُبَابِ. فَقَالَ: لَا بَأْسَ، إِنَّمَا قُتِلَ الرَّجُلُ فِي دِيَارِ الْقَوْمِ مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ، ثُمَّ قَالَ:
يَدِي رَهْنٌ عَلَى سُلَيْمٍ بِغَارَةٍ ... تَشِيبُ لَهَا أَصْدَاغُ بَكْرِ بْنِ وَائِلِ
وَتَتْرُكُ أَوْلَادَ الْفَدَوْكَسِ عَالَةً ... يَتَامَى أَيَامَى نُهْزَةً لِلْقَبَائِلِ
يَوْمُ الْكُحَيْلِ
وَهُوَ مِنْ أَرْضِ الْمَوْصِلِ فِي جَانِبِ دِجْلَةَ الْغَرْبِيِّ.
وَسَبَبُهُ أَنَّهُ لَمَّا قُتِلَ عُمَيْرُ بْنُ الْحُبَابِ السُّلَمِيُّ أَتَى تَمِيمُ بْنُ عُمَيْرٍ زُفَرَ بْنَ الْحَارِثِ، فَسَأَلَهُ أَنْ يَطْلُبَ لَهُ بِثَأْرِهِ، فَامْتَنَعَ، فَقَالَ الْهُذَيْلُ بْنُ زُفَرَ لِأَبِيهِ: وَاللَّهِ لَئِنْ ظَفِرَتْ بِهِمْ تَغْلِبُ، إِنَّ ذَلِكَ لَعَارٌ عَلَيْكَ، وَلَئِنْ ظَفِرُوا بِتَغْلِبَ وَقَدْ خَذَلَتْهُمْ إِنَّ ذَلِكَ لَأَشَدُّ. فَاسْتَخْلَفَ زُفَرُ عَلَى قَرْقِيسِيَا أَخَاهُ أَوْسَ بْنَ الْحَارِثِ، وَعَزَمَ عَلَى أَنْ يُغِيرَ عَلَى بَنِي تَغْلِبَ وَيَغْزُوهُمْ، فَوَجَّهَ خَيْلًا إِلَى بَنِي فَدَوْكَسَ بَطْنٍ مِنْ تَغْلِبَ، فَقُتِلَ رِجَالُهُمْ، وَاسْتُبِيحَتْ أَمْوَالُهُمْ وَنِسَائُهُمْ حَتَّى لَمْ يَبْقَ غَيْرُ امْرَأَةٍ وَاحِدَةٍ اسْتَجَارَتْ، فَأَجَارَهَا يَزِيدُ بْنُ حُمْرَانَ.
وَوَجَّهَ زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ ابْنَهُ الْهُذَيْلَ فِي جَيْشٍ إِلَى بَنِي كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ، فَقَتَلَ فِيهِمْ قَتْلًا ذَرِيعًا، وَبَعَثَ زُفَرُ أَيْضًا مُسْلِمَ بْنَ رَبِيعَةَ الْعُقَيْلِيَّ إِلَى قَوْمِ تَغْلِبَ مُجْتَمِعِينَ، فَأَكْثَرَ فِيهِمُ الْقَتْلَ. ثُمَّ قَصَدَ زُفَرُ لِبَنِي تَغْلِبَ وَقَدِ اجْتَمَعُوا بِالْعَقِيقِ مِنْ أَرْضِ الْمَوْصِلِ، فَلَمَّا أَحَسَّتْ بِهِ ارْتَحَلَتْ تُرِيدُ عُبُورَ دِجْلَةَ، فَلَمَّا صَارَتْ بِالْكُحَيْلِ لَحِقَهُمْ زُفَرُ فِي الْقَيْسِيَّةِ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، وَتَرَجَّلَ أَصْحَابُ زُفَرَ أَجْمَعُونَ، وَبَقِيَ زُفَرُ عَلَى بَغْلٍ لَهُ، فَقَتَلُوهُمْ لَيْلَتَهُمْ، وَبَقَرُوا بُطُونَ نِسَاءٍ مِنْهُمْ، وَغَرِقَ فِي دِجْلَةَ أَكْثَرُ مِمَّنْ قُتِلَ بِالسَّيْفِ، فَأَتَى فَلُّهُمْ لِبَّى، فَوَجَّهَ زُفَرُ ابْنَهُ الْهُذَيْلَ فَأَوْقَعَ بِهِمْ، إِلَّا مَنْ عَبَرَ فَنَجَا، وَأَسَرَ زُفَرُ مِنْهُمْ مِائَتَيْنِ فَقَتَلَهُمْ صَبْرًا، فَقَالَ زُفَرُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute