إِذْ بَعْضُهُمْ يَعْرِفُ ثُمَّ يُنْكِرْ
فَسَمِعَتْهُ فَقَالَتْ: تَصْبِرُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، أَبَوَاكَ أَبُو بَكْرٍ وَالزُّبَيْرُ، وَأُمُّكَ صَفِيَّةُ بِنْتُ عَبَدِ الْمُطَّلِبِ. فَحَمَلَ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ (حَمْلَةً مُنْكَرَةً فَقَتَلَ مِنْهُمْ، ثُمَّ انْكَشَفَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ، وَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: لَوْ لَحِقْتَ بِمَوْضِعِ كَذَا. قَالَ: بِئْسَ الشَّيْخُ أَنَا إِذًا فِي الْإِسْلَامِ لَئِنْ أَوْقَعْتُ قَوْمًا فَقُتِلُوا ثُمَّ فَرَرْتُ عَنْ مِثْلِ مَصَارِعِهِمْ. وَدَنَا أَهْلُ الشَّامِ) حَتَّى امْتَلَأَتْ مِنْهُمُ الْأَبْوَابُ، وَكَانُوا يَصِيحُونَ بِهِ: يَا ابْنَ ذَاتِ النِّطَاقَيْنِ، فَيَقُولُ:
وَتِلْكَ شَكَاةٌ ظَاهِرٌ عَنْكَ عَارُهَا
وَجَعَلَ أَهْلُ الشَّامِ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسْجِدِ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ كُلِّ بَلَدٍ، فَكَانَ لِأَهْلِ حِمْصٍ الْبَابُ الَّذِي يُوَاجِهُ بَابَ الْكَعْبَةِ، وَلِأَهْلِ دِمَشْقَ بَابُ بَنِي شَيْبَةَ، وَلِأَهْلِ الْأُرْدُنِّ بَابُ الصَّفَا، وَلِأَهْلِ فَلَسْطِينَ بَابُ بَنِي جُمَحٍ، وَلِأَهْلِ قِنَّسْرِينَ بَابُ بَنِي تَمِيمٍ، وَكَانَ الْحَجَّاجُ وَطَارِقٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْأَبْطَحِ إِلَى الْمَرْوَةِ، فَمَرَّةً يَحْمِلُ ابْنُ الزُّبَيْرِ فِي هَذِهِ النَّاحِيَةِ وَمَرَّةً فِي هَذِهِ النَّاحِيَةِ، فَكَأَنَّهُ أَسَدٌ فِي أَجَمَةٍ مَا يَقْدَمُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ، يَعْدُو فِي أَثَرِ الْقَوْمِ حَتَّى يُخْرِجَهُمْ، ثُمَّ يَصِيحُ: أَبَا صَفْوَانَ! وَيْلُ أُمِّهِ فَتْحًا لَوْ كَانَ لَهُ رِجَالٌ: لَوْ كَانَ قِرْنِي وَاحِدًا كَفَيْتُهُ!
فَيَقُولُ أَبُو صَفْوَانَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ: إِي وَاللَّهِ وَأَلْفُ.
فَلَمَّا رَأَى الْحَجَّاجُ أَنَّ النَّاسَ لَا يُقْدِمُونَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ غَضِبَ وَتَرَجَّلَ، وَأَقْبَلَ يَسُوقُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute