أَسِيدٌ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَكَسْرِ السِّينِ. وَبَحِيرٌ بِفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَكَسْرِ الْحَاءِ.
ذِكْرُ وِلَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُمَيَّةَ سِجِسْتَانَ
لَمَّا وَصَلَ أُمَيَّةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ إِلَى كَرْمَانَ اسْتَعْمَلَ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ عَلَى سِجِسْتَانَ، فَلَمَّا قَدِمَهَا غَزَا رُتْبِيلَ الَّذِي مَلَكَ بَعْدَ الْمَقْتُولِ الْأَوَّلِ، وَكَانَ رُتْبِيلُ هَائِبًا لِلْمُسْلِمِينَ، فَلَمَّا وَصَلَ عَبْدُ اللَّهِ إِلَى بُسْتٍ أَرْسَلَ رُتْبِيلُ يَطْلُبُ الصُّلْحَ وَبَذَلَ أَلْفَ أَلْفٍ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ بِهَدَايَا وَرَقِيقٍ، فَأَبَى عَبْدُ اللَّهِ قَبُولَ ذَلِكَ وَقَالَ: إِنْ مَلَأَ لِي هَذَا الرِّوَاقَ ذَهَبًا، وَإِلَّا فَلَا صُلْحَ. وَكَانَ غِرًّا، فَخَلَى لَهُ رُتْبِيلُ الْبِلَادَ حَتَّى أَوْغَلَ فِيهَا، وَأَخَذَ عَلَيْهِ الشِّعَابَ وَالْمَضَايِقَ، وَطَلَبَ أَنْ يُخَلِّيَ عَنْهُ وَعَنِ الْمُسْلِمِينَ وَلَا يَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا، فَأَبَى رُتْبِيلُ وَقَالَ: بَلْ يَأْخُذُ ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ صُلْحًا، وَيَكْتُبُ لَنَا بِهِ كِتَابًا، وَلَا يَغْزُو بِلَادَنَا مَا كُنْتُ أَمِيرًا، وَلَا يَحْرِقْ وَلَا يُخَرِّبْ. فَفَعَلَ، وَبَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ الْمَلِكِ فَعَزَلَهُ.
ذِكْرُ وِلَايَةِ حَسَّانَ بْنِ النُّعْمَانِ إِفْرِيقِيَّةَ
قَدْ ذَكَرْنَا وِلَايَةَ زُهَيْرِ بْنِ قَيْسٍ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ، وَكَانَ قَتْلُهُ سَنَةَ تِسْعٍ وَسِتِّينَ، فَلَمَّا عَلِمَ عَبْدُ الْمَلِكِ قَتْلَهُ عَظُمَ عَلَيْهِ وَعَلَى الْمُسْلِمِينَ وَأَهَمَّهُ ذَلِكَ، وَشَغَلَهُ عَنْ إِفْرِيقِيَّةَ مَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَلَمَّا قُتِلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ وَاجْتَمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ، جَهَّزَ جَيْشًا كَثِيرًا، وَاسْتَعْمَلَ عَلَيْهِمْ وَعَلَى إِفْرِيقِيَّةَ حَسَّانَ بْنَ النُّعْمَانِ الْغَسَّانِيَّ، وَسَيَّرَهُمْ إِلَيْهَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ، فَلَمْ يَدْخُلْ إِفْرِيقِيَّةَ قَطُّ جَيْشٌ مِثْلُهُ.
فَلَمَّا وَرَدَ الْقَيْرَوَانَ تَجَهَّزَ مِنْهَا وَسَارَ إِلَى قَرْطَاجَنَّةَ، وَكَانَ صَاحِبُهَا أَعْظَمَ مُلُوكِ إِفْرِيقِيَّةَ، وَلَمْ يَكُنِ الْمُسْلِمُونَ قَطُّ حَارَبُوهَا، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَيْهَا رَأَى بِهَا مِنَ الرُّومِ وَالْبَرْبَرِ مَا لَا يُحْصَى كَثْرَةً، فَقَاتَلَهُمْ وَحَصَرَهُمْ وَقَتَلَ مِنْهُمْ كَثِيرًا، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ اجْتَمَعَ رَأْيُهُمْ عَلَى الْهَرَبِ، فَرَكِبُوا فِي مَرَاكِبِهِمْ، وَسَارَ بَعْضُهُمْ إِلَى صِقِلِّيَةَ، وَبَعْضُهُمْ إِلَى الْأَنْدَلُسِ، وَدَخَلَهَا حَسَّانُ بِالسَّيْفِ، فَسَبَى وَنَهَبَ، وَقَتَلَهُمْ قَتْلًا ذَرِيعًا، وَأَرْسَلَ الْجُيُوشَ فِيمَا حَوْلَهَا، فَأَسْرَعُوا إِلَيْهِ خَوْفًا، فَأَمَرَهُمْ فَهَدَمُوا مِنْ قَرْطَاجَنَّةَ مَا قَدَرُوا عَلَيْهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute