جِرَاحَتَهُ، وَأَلْفَيْ دِرْهَمٍ لِيُنْفِقَهَا، وَبَعَثَ إِلَيْهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي عُصَيْفِرٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ، فَكَانَ يَعُودُهُ وَيَتَعَاهَدُهُ بِالْهَدِيَّةِ.
وَسَارَ شَبِيبٌ نَحْوَ الْمَدَائِنِ، فَعَلِمَ أَنَّهُ لَا سَبِيلَ [لَهُ] إِلَى أَهْلِهَا مَعَ الْمَدِينَةِ، فَأَقْبَلَ حَتَّى انْتَهَى إِلَى الْكَرْخِ، فَعَبَرَ دِجْلَةَ إِلَيْهَا، فَأَرْسَلَ إِلَى سُوقِ بَغْدَادَ فَآمَنَهُمْ، وَكَانَ يَوْمَ سُوقِهِمْ، وَبَلَغَهُ أَنَّهُمْ يَخَافُونَهُ، وَاشْتَرَى أَصْحَابُهُ دَوَابَّ وَأَشْيَاءَ يُرِيدُونَهَا.
ذِكْرُ مَسِيرِ شَبِيبٍ إِلَى الْكُوفَةِ
ثُمَّ سَارَ شَبِيبٌ إِلَى الْكُوفَةِ، فَنَزَلَ عِنْدَ حَمَّامِ عُمَيْرِ بْنِ سَعْدٍ، فَلَمَّا بَلَغَ الْحَجَّاجَ مَكَانُهُ بَعَثَ سُوَيْدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّعْدِيَّ فِي أَلْفَيْ رَجُلٍ إِلَيْهِ، وَقَالَ لَهُ: الْقَ شَبِيبًا، فَإِنِ اسْتَطْرَدَ لَكَ فَلَا تَتْبَعْهُ.
فَخَرَجَ وَعَسْكَرَ بِالسَّبْخَةِ، فَبَلَغَهُ أَنَّ شَبِيبًا قَدْ أَقْبَلَ، فَسَارَ نَحْوَهُ، فَكَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ، فَأَمَرَ الْحَجَّاجُ عُثْمَانَ بْنَ قَطَنٍ، فَعَسْكَرَ بِالنَّاسِ فِي السَّبْخَةِ، وَسَارَ سُوَيْدٌ إِلَى زُرَارَةَ، فَهُوَ يُعَبِّئُ أَصْحَابَهُ إِذْ قِيلَ: قَدْ أَتَاكَ شَبِيبٌ، فَنَزَلَ وَنَزَلَ مَعَهُ جُلُّ أَصْحَابِهِ، فَأُخْبِرَ أَنَّ شَبِيبًا قَدْ تَرَكَكَ وَعَبَرَ الْفُرَاتَ وَهُوَ يُرِيدُ الْكُوفَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، فَنَادَى فِي أَصْحَابِهِ فَرَكِبُوا فِي آثَارِهِمْ، وَبَلَغَ مَنْ بِالسَّبْخَةِ مَعَ عُثْمَانَ إِقْبَالُ شَبِيبٍ إِلَيْهِمْ، فَصَاحَ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ، وَهَمُّوا أَنْ يَدْخُلُوا الْكُوفَةَ حَتَّى قِيلَ لَهُمْ: إِنَّ سُوَيْدًا فِي آثَارِهِمْ قَدْ لَحِقَهُمْ وَهُوَ يُقَاتِلُهُمْ، وَحَمَلَ شَبِيبٌ عَلَى سُوَيْدٍ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ حَمْلَةً مُنْكَرَةً، فَلَمْ يَقْدِرْ مِنْهُمْ عَلَى شَيْءٍ، وَأَخَذَ عَلَى بُيُوتِ الْكُوفَةِ نَحْوَ الْحِيرَةِ، وَذَلِكَ عِنْدَ الْمَسَاءِ، وَتَبِعَهُ سُوَيْدٌ إِلَى الْحِيرَةِ، فَرَآهُ قَدْ تَرَكَ الْحِيرَةَ وَذَهَبَ، فَتَرَكَهُ سُوَيْدٌ وَأَقَامَ حَتَّى أَصْبَحَ، وَأَرْسَلَ إِلَى الْحَجَّاجِ يُعْلِمُهُ بِمَسِيرِ شَبِيبٍ.
ذِكْرُ مُحَارَبَةِ شَبِيبٍ أَهْلَ الْبَادِيَةِ
وَكَتَبَ الْحَجَّاجُ إِلَى سُوَيْدٍ يَأْمُرُهُ بِاتِّبَاعِهِ، فَاتَّبَعَهُ، وَمَضَى شَبِيبٌ حَتَّى أَغَارَ أَسْفَلَ الْفُرَاتِ عَلَى مَنْ وَجَدَ مِنْ قَوْمِهِ، وَارْتَفَعَ فِي الْبَرِّ وَرَاءَ خَفَّانِ، فَأَصَابَ رِجَالًا مِنْ بَنِي الْوَرَثَةِ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا، مِنْهُمْ حَنْظَلَةُ بْنُ مَالِكٍ، وَمَضَى شَبِيبٌ حَتَّى أَتَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute