وَقَلِّدُوا أَمْرَكُمْ لِلَّهِ دَرُّكُمُ ... رَحْبَ الذِّرَاعِ بِأَمْرِ الْحَرْبِ مُضْطَلِعَا
لَا مُتْرَفًا إِنْ رَخَاءُ الْعَيْشِ سَاعَدَهُ ... وَلَا إِذَا عَضَّ مَكْرُوهٌ بِهِ خَشَعَا
مُسَهَّدَ النَّوْمِ تَعْنِيهِ ثُغُورُكُمُ ... يَرُومُ مِنْهَا إِلَى الْأَعْدَاءِ مُطَّلَعَا
مَا انْفَكَّ يَحْلِبُ هَذَا الدَّهْرَ أَشْطُرَهُ ... يَكُونُ مُتَّبِعًا طَوْرًا وَمُتَّسِعَا
وَلَيْسَ يَشْغَلُهُ مَالٌ يُثَمِّرُهُ ... عَنْكُمْ وَلَا وَلَدٌ يَبْغِي لَهُ الرَّفَعَا
حَتَّى اسْتَمَرَّتْ عَلَى شَزْرٍ مَرِيرَتُهُ ... مُسْتَحْكِمَ السِّنِّ لَا قَحْمًا وَلَا ضَرَعَا
وَهِيَ قَصِيدَةٌ طَوِيلَةٌ هَذَا هُوَ الْأَجْوَدُ مِنْهَا.
ذِكْرُ قَتْلِ قَطَرِيِّ بْنِ الْفُجَاءَةِ وَعُبَيْدَةَ بْنِ هِلَالٍ
قِيلَ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَتْ هَلَكَةُ قَطَرِيٍّ وَعُبَيْدَةُ بْنُ هِلَالٍ وَمَنْ [كَانَ] مَعَهُمَا مِنَ الْأَزَارِقَةِ.
وَكَانَ السَّبَبُ فِي ذَلِكَ أَنَّ أَمْرَهُمْ لَمَّا تَشَتَّتَ بِالِاخْتِلَافِ الَّذِي ذَكَرْنَا، وَسَارَ قَطَرِيٌّ نَحْوَ طَبَرِسْتَانَ، وَبَلَغَ خَبَرُهُ الْحَجَّاجَ - سَيَّرَ إِلَيْهِ سُفْيَانَ بْنَ الْأَبْرَدِ فِي جَيْشٍ عَظِيمٍ. وَسَارَ سُفْيَانُ وَاجْتَمَعَ مَعَهُ إِسْحَاقُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ فِي جَيْشٍ لِأَهْلِ الْكُوفَةِ بِطَبَرِسْتَانَ، فَأَقْبَلُوا فِي طَلَبِ قَطَرِيٍّ، فَلَحِقُوهُ فِي شِعْبٍ مِنْ شِعَابِ طَبَرِسْتَانَ فَقَاتَلُوهُ، فَتَفَرَّقَ عَنْهُ أَصْحَابُهُ وَوَقَعَ عَنْ دَابَّتِهِ، فَتَدَهْدَهَ إِلَى أَسْفَلِ الشِّعْبِ، وَأَتَاهُ عِلْجٌ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ، فَقَالَ لَهُ قَطَرِيٌّ: اسْقِنِي الْمَاءَ. فَقَالَ الْعِلْجُ: أَعْطِنِي شَيْئًا. فَقَالَ: مَا مَعِي إِلَّا سِلَاحِي، وَأَنَا أُعْطِيكَهُ إِذَا أَتَيْتَنِي بِالْمَاءِ. فَانْطَلَقَ الْعِلْجُ حَتَّى أَشْرَفَ عَلَى قَطَرِيٍّ، ثُمَّ حَدَّرَ عَلَيْهِ حَجَرًا مِنْ فَوْقِهِ، فَأَصَابَ وَرِكَهُ فَأَوْهَنَهُ، فَصَاحَ بِالنَّاسِ، فَأَقْبَلُوا نَحْوَهُ، وَلَمْ يَعْرِفْهُ الْعِلْجُ، غَيْرَ أَنَّهُ يَظُنُّ أَنَّهُ مِنْ أَشْرَافِهِمْ لِكَمَالِ سِلَاحِهِ وَحُسْنِ هَيْئَتِهِ، فَجَاءَ إِلَيْهِ نَفَرٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَقَتَلُوهُ، مِنْهُمْ: سَوْرَةُ بْنُ الْحُرِّ التَّمِيمِيُّ، وَجَعْفَرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِخْنَفٍ، وَالصَّبَّاحُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْأَشْعَثِ، وَبَاذَانُ مَوْلَاهُمْ، وَعُمَرُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ، وَكُلُّ هَؤُلَاءِ ادَّعَى قَتْلَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute