للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِلَيْهِ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ قُتَيْبَةُ مَعَ سُلَيْمٍ النَّاصِحِ مَوْلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ يَدْعُوهُ إِلَى الصُّلْحِ وَإِلَى أَنْ يُؤَمِّنَهُ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ يَحْلِفُ بِاللَّهِ لَئِنْ لَمْ يَقْدَمْ عَلَيْهِ لَيَغْزُونَّهُ ثُمَّ لَيَطْلُبَنَّهُ حَيْثُ كَانَ، حَتَّى يَظْفَرَ بِهِ أَوْ يَمُوتَ دُونَهُ.

فَقَدِمَ سُلَيْمٌ بِالْكِتَابِ، فَقَالَ لَهُ نِيزَكُ، وَكَانَ يَسْتَنْصِحُهُ: يَا سُلَيْمُ مَا أَظُنُّ عِنْدَ صَاحِبِكَ خَيْرًا، كَتَبَ إِلَيَّ كِتَابًا لَا يُكْتَبُ إِلَى مِثْلِي. فَقَالَ لَهُ سُلَيْمٌ: إِنَّهُ رَجُلٌ شَدِيدٌ فِي سُلْطَانِهِ، سَهْلٌ إِذَا سُوهِلَ، صَعْبٌ إِذَا عُوسِرَ، فَلَا يَمْنَعْكَ مِنْهُ غِلْظَةُ كِتَابِهِ إِلَيْكَ، فَأَحْسِنْ حَالَكَ عِنْدَهُ. فَقَامَ نِيزَكُ مَعَ سُلَيْمٍ، فَصَالَحَهُ أَهْلُ بَاذَغِيسَ عَلَى أَنْ لَا يَدْخُلَهَا قُتَيْبَةُ.

ذِكْرُ غَزْوِ الرُّومِ قِيلَ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ غَزَا مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ الرُّومَ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ عَدَدًا كَثِيرًا بِسُوسْنَةَ مِنْ نَاحِيَةِ الْمِصِّيصَةِ، وَفَتَحَ حُصُونًا. وَقِيلَ: إِنَّ الَّذِي غَزَا فِي هَذِهِ السَّنَةِ هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فَفَتَحَ حِصْنَ بُولَقَ وَحِصْنَ الْأَخْرَمِ وَحِصْنَ بُولَسَ وَقُمْقُمَ، وَقَتَلَ مِنَ الْمُسْتَعْرِبَةِ نَحْوًا مِنْ أَلْفِ مُقَاتِلٍ، وَسَبَى ذُرِّيَّتَهُمْ وَنِسَاءَهُمْ.

ذِكْرُ غَزْوِ قُتَيْبَةَ بِيكَنْدَ وَلَمَّا صَالَحَ قُتَيْبَةُ نِيزَكَ أَقَامَ إِلَى وَقْتِ الْغَزْوِ، فَغَزَا بِيكَنْدَ سَنَةَ سَبْعٍ وَثَمَانِينَ، وَهِيَ أَدْنَى مَدَائِنِ بُخَارَى إِلَى النَّهْرِ، فَلَمَّا نَزَلَ بِهِمُ اسْتَنْصَرُوا الصُّغْدَ، وَاسْتَمَدُّوا مَنْ حَوْلَهُمْ، فَأَتَوْهُمْ فِي جَمْعٍ كَثِيرٍ، وَأَخَذُوا الطُّرُقَ عَلَى قُتَيْبَةَ، فَلَمْ يَنْفُذْ لِقُتَيْبَةَ رَسُولٌ، وَلَمْ يَصِلْ إِلَيْهِ خَبَرٌ شَهْرَيْنِ، وَأَبْطَأَ خَبَرُهُ عَلَى الْحَجَّاجِ فَأَشْفَقَ عَلَى الْجُنْدِ، فَأَمَرَ النَّاسَ بِالدُّعَاءِ لَهُمْ فِي الْمَسَاجِدِ، وَهُمْ يَقْتَتِلُونَ كُلَّ يَوْمٍ.

وَكَانَ لِقُتَيْبَةَ عَيْنٌ مِنَ الْعَجَمِ، يُقَالُ لَهُ تَنْدُرُ، فَأَعْطَاهُ أَهْلُ بُخَارَى مَالًا لِيَرُدَّ عَنْهُمْ قُتَيْبَةَ، فَأَتَاهُ فَقَالَ لَهُ سِرًّا مِنَ النَّاسِ: إِنَّ الْحَجَّاجَ قَدْ عُزِلَ، وَقَدْ أَتَى عَامِلٌ إِلَى خُرَاسَانَ، فَلَوْ رَجَعْتَ بِالنَّاسِ كَانَ أَصْلَحَ. فَأَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ خَوْفًا مِنْ أَنْ يُظْهِرَ الْخَبَرَ فَيَهْلِكَ النَّاسُ، ثُمَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>