وَقِيلَ: إِنَّمَا كَانَ فَتْحُ بُخَارَى سَنَةَ تِسْعِينَ، عَلَى مَا نَذْكُرُهُ.
ذِكْرُ وِلَايَةِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيِّ مَكَّةَ
قِيلَ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ وَلِيَ خَالِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْقَسْرِيُّ مَكَّةَ، فَخَطَبَ أَهْلَهَا فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّهُمَا أَعْظَمُ، خَلِيفَةُ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِهِ، أَوْ رَسُولُهُ إِلَيْهِمْ؟ وَاللَّهِ لَوْ لَمْ تَعْلَمُوا فَضْلَ الْخَلِيفَةِ إِلَّا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ اسْتَسْقَاهُ فَسَقَاهُ مِلْحًا أُجَاجًا، وَاسْتَسْقَاهُ الْخَلِيفَةُ فَسَقَاهُ عَذْبًا فُرَاتًا، يَعْنِي بِالْمِلْحِ زَمْزَمَ، وَبِالْمَاءِ الْفُرَاتِ بِئْرًا حَفَرَهَا الْوَلِيدُ بِثَنِيَّةِ طِوًى فِي ثَنِيَّةِ الْحَجُونِ، وَكَانَ مَاؤُهَا عَذْبًا، وَكَانَ يَنْقُلُ مَاءَهَا وَيَضَعُهُ فِي حَوْضٍ إِلَى جَنْبِ زَمْزَمَ، لِيُعْرَفَ فَضْلُهُ عَلَى زَمْزَمَ، فَغَارَتِ الْبِئْرُ وَذَهَبَ مَاؤُهَا، فَلَا يُدْرَى أَيْنَ هُوَ الْيَوْمَ.
وَقِيلَ: وَلِيَهَا سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ، وَقِيلَ: سَنَةَ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ، وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ هُنَاكَ.
ذِكْرُ قَتْلِ ذَاهِرَ مَلِكِ السِّنْدِ
فِي هَذِهِ السَّنَةِ قَتَلَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي عُقَيْلٍ الثَّقَفِيِّ، - يَجْتَمِعُ هُوَ وَالْحَجَّاجُ فِي الْحَكَمِ -، ذَاهِرَ بْنَ صَعْصَعَةَ مَلِكَ السِّنْدِ، وَمَلَكَ بِلَادَهُ، وَكَانَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ اسْتَعْمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ الثَّغْرِ وَسَيَّرَ مَعَهُ سِتَّةَ أَلَافِ مُقَاتِلٍ، وَجَهَّزَهُ بِكُلِّ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ حَتَّى الْمَسَالِّ وَالْإِبَرِ وَالْخُيُوطِ، فَسَارَ مُحَمَّدُ إِلَى مُكْرَانَ فَأَقَامَ بِهَا أَيَّامًا، ثُمَّ أَتَى قَنَّزْبُورَ فَفَتَحَهَا، ثُمَّ سَارَ إِلَى أَرْمَائِيلَ فَفَتَحَهَا، ثُمَّ سَارَ إِلَى الدَّيْبُلِ، فَقَدِمَهَا يَوْمَ جُمُعَةٍ، وَوَافَتْهُ سُفُنٌ كَانَ حَمَلَ فِيهَا الرِّجَالَ وَالسِّلَاحَ وَالْأَدَاةَ، فَخَنْدَقَ حِينَ نَزَلَ الدَّيْبُلَ، وَأَنْزَلَ النَّاسَ مَنَازِلَهُمْ، وَنَصَبَ مَنْجَنِيقًا يُقَالُ لَهُ الْعَرُوسُ، كَانَ يَمُدُّ بِهِ خَمْسُمِائَةِ رَجُلٍ، وَكَانَ بِالدَّيْبُلِ بُدٌّ عَظِيمٌ عَلَيْهِ دَقَلٌ عَظِيمٌ، وَعَلَى الدَّقَلِ رَايَةٌ حَمْرَاءُ، إِذَا هَبَّتِ الرِّيحُ أَطَافَتْ بِالْمَدِينَةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute