وَمَا أَشْبَهَ هَذِهِ الْقِصَّةَ بِقِصَّةِ [ابْنِ] عُمَرَ مَعَ زِيَادِ بْنِ أَبِيهِ، حَيْثُ كَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ يَقُولُ لَهُ: قَدْ ضَبَطْتُ الْعِرَاقَ بِشَمَالِي وَيَمِينِي فَارِغَةٌ. يُعَرِّضُ بِإِمَارَةِ الْحِجَازِ. فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ لَمَّا بَلَغَهُ ذَلِكَ: اللَّهُمَّ أَرِحْنَا مِنْ يَمِينِ زِيَادٍ، وَأَرِحْ أَهْلَ الْعِرَاقِ مِنْ شِمَالِهِ. فَكَانَ أَوَّلُ خَبَرٍ جَاءَهُ مَوْتَ زِيَادٍ.
وَكَانَتْ وَفَاةُ الْحَجَّاجِ فِي شَوَّالٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَتِسْعِينَ، وَقِيلَ: كَانَتْ وَفَاتُهُ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، وَلَهُ مِنَ الْعُمُرِ أَرْبَعٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً، وَقِيلَ: ثَلَاثٌ وَخَمْسُونَ سَنَةً، وَكَانَتْ وِلَايَتُهُ الْعِرَاقَ عِشْرِينَ سَنَةً، وَلَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ اسْتَخْلَفَ عَلَى الصَّلَاةِ ابْنَهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْحَجَّاجِ، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى حَرْبِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ يَزِيدَ بْنَ أَبِي كَبْشَةَ، وَعَلَى خَرَاجِهِمَا يَزِيدَ بْنَ أَبِي مُسْلِمٍ، فَأَقَرَّهُمَا الْوَلِيدُ بَعْدَ مَوْتِهِ، وَلَمْ يُغَيِّرْ أَحَدًا مِنْ عُمَّالِ الْحَجَّاجِ.
ذِكْرُ نَسَبِهِ وَشَيْءٍ مِنْ سِيرَتِهِ
هُوَ الْحَجَّاجُ بْنُ يُوسُفَ بْنِ الْحَكَمِ بْنِ أَبِي عَقِيلِ بْنِ عَامِرِ بْنِ مَسْعُودِ بْنِ مُعَتِّبِ بْنِ مَالِكِ بْنِ كَعْبِ بْنِ عَمْرِو بْنِ سَعْدِ بْنِ عَوْفِ بْنِ ثَقِيفٍ أَبُو مُحَمَّدٍ الثَّقَفِيُّ.
قَالَ قُتَيْبَةُ بْنُ مُسْلِمٍ: خَطَبَنَا الْحَجَّاجُ فَذَكَرَ الْقَبْرَ، فَمَا زَالَ يَقُولُ: إِنَّهُ بَيْتُ الْوَحْدَةِ، إِنَّهُ بَيْتُ الْغُرْبَةِ، وَبَيْتُ كَذَا وَكَذَا، حَتَّى بَكَى وَأَبْكَى، ثُمَّ قَالَ: سَمِعْتُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَقُولُ: سَمِعْتُ مَرْوَانَ يَقُولُ فِي خُطْبَتِهِ: خَطَبَنَا عُثْمَانُ، فَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: «مَا نَظَرَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَى قَبْرٍ أَوْ ذَكَرَهُ إِلَّا بَكَى» . وَقَدْ رُوِيَ أَحَادِيثُ غَيْرُ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَنَسٍ.
وَقَالَ ابْنُ عَوْفٍ: كُنْتُ إِذَا سَمِعْتُ الْحَجَّاجَ يَقْرَأُ عَرَفْتُ أَنَّهُ طَالَمَا دَرَسَ الْقُرْآنَ. وَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ: مَا رَأَيْتُ أَفْصَحَ مِنَ الْحَجَّاجِ وَمِنَ الْحَسَنِ، وَكَانَ الْحَسَنُ أَفْصَحَ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ: قَالَ الْحَجَّاجُ يَوْمًا: مَنْ كَانَ لَهُ بَلَاءٌ فَلْيَقُمْ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute