للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجْهٍ، وَابْنَهُ خَالِدَ بْنَ يَزِيدَ مِنْ وَجْهٍ، وَأَبَا الْجَهْمِ الْكَلْبِيَّ مِنْ وَجْهٍ، وَقَالَ: إِذَا اجْتَمَعْتُمْ فَأَبُوا عُيَيْنَةَ عَلَى النَّاسِ. فَسَارَ أَبُو عُيَيْنَةَ وَأَقَامَ يَزِيدُ مُعَسْكَرًا.

وَاسْتَجَاشَ الْإِصْبَهْبَذُ أَهْلَ جِيلَانَ وَالدَّيْلَمَ، فَأَتَوْهُ فَالْتَقَوْا فِي سَفْحِ جَبَلٍ، فَانْهَزَمَ الْمُشْرِكُونَ فِي الْجَبَلِ، فَاتَّبَعَهُمُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى فَمِ الشِّعْبِ، فَدَخَلَهُ الْمُسْلِمُونَ وَصَعِدَ الْمُشْرِكُونَ فِي الْجَبَلِ وَاتَّبَعَهُمُ الْمُسْلِمُونَ يَرُومُونَ الصُّعُودَ، فَرَمَاهُمُ الْعَدُوُّ بِالنُّشَّابِ وَالْحِجَارَةِ، فَانْهَزَمَ أَبُو عُيَيْنَةَ وَالْمُسْلِمُونَ يَرْكَبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، يَتَسَاقَطُونَ فِي الْجَبَلِ حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى عَسْكَرِ يَزِيدَ، وَكَفَّ عَدُّوهُمْ عَنِ اتِّبَاعِهِمْ، وَخَافَهُمُ الْإِصْبَهْبَذُ، فَكَانَ أَهْلُ جُرْجَانَ وَمُقَدِّمُهُمُ الْمَرْزُبَانُ يَسْأَلُهُمْ أَنْ يُبَيِّتُوا مِنْ عِنْدَهُمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنْ يَقْطَعُوا عَنْ يَزِيدَ الْمَادَّةَ وَالطَّرِيقَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ بِلَادِ الْإِسْلَامِ، وَيَعِدُهُمْ أَنْ يُكَافِئَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، فَثَارُوا بِالْمُسْلِمِينَ، فَقَتَلُوهُمْ أَجْمَعِينَ وَهُمْ غَارُّونَ فِي لَيْلَةٍ، وَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُعَمَّرِ وَجَمِيعُ مَنْ مَعَهُ فَلَمْ يَنْجُ مِنْهُمْ أَحَدٌ، وَكَتَبُوا إِلَى الْإِصْبَهْبَذِ بِأَخْذِ الْمَضَايِقِ وَالطُّرُقِ.

وَبَلَغَ ذَلِكَ يَزِيدَ وَأَصْحَابَهُ فَعَظُمَ عَلَيْهِمْ وَهَالَهُمْ، وَفَزِعَ يَزِيدُ إِلَى حَيَّانَ النَّبَطِيَّ وَقَالَ لَهُ: لَا يَمْنَعُكَ مَا كَانَ مِنِّي إِلَيْكَ مِنْ نَصِيحَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ جَاءَنَا عَنْ جُرْجَانَ مَا جَاءَنَا فَاعْمَلْ فِي الصُّلْحِ. فَقَالَ: نَعَمْ. فَأَتَى حَيَّانُ الْإِصْبَهْبَذَ فَقَالَ: أَنَا رَجُلٌ مِنْكُمْ، وَإِنْ كَانَ الدِّينُ فَرَّقَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، فَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ، فَأَنْتَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ يَزِيدَ، وَقَدْ بَعَثَ يَسْتَمِدُّ وَأَمْدَادُهُ مِنْهُ قَرِيبَةٌ، وَإِنَّمَا أَصَابُوا مِنْهُ طَرَفًا، وَلَسْتُ آمَنُ أَنْ يَأْتِيَكَ مَنْ لَا تَقُومُ لَهُ، فَأَرِحْ نَفْسَكَ وَصَالِحْهُ، فَإِنْ صَالَحْتَهُ صَيَّرَ حَدَّهُ عَلَى أَهْلِ جُرْجَانَ بِغَدْرِهِمْ وَقَتْلِهِمْ أَصْحَابَهُ. فَصَالَحَهُ عَلَى سَبْعِمِائَةِ أَلْفٍ، وَقِيلَ خَمْسِمِائَةِ أَلْفٍ وَأَرْبَعِمِائَةِ وَقْرِ زَعْفَرَانَ، أَوْ قِيمَتِهِ مِنَ الْعَيْنِ، وَأَرْبَعِمِائَةِ رَجُلٍ، عَلَى كُلِّ رَجُلٍ مِنْهُمْ تُرْسٌ وَطَيْلَسَانُ، وَمَعَ كُلِّ رَجُلٍ جَامٌ مِنْ فِضَّةٍ وَخِرْقَةُ حَرِيرٍ وَكُسْوَةٌ.

ثُمَّ رَجَعَ حَيَّانُ إِلَى يَزِيدَ، فَقَالَ: ابْعَثْ مِنْ (يَحْمِلُ صُلْحَهُمْ) ، فَقَالَ: مِنْ عِنْدِهِمْ أَوْ مِنْ عِنْدِنَا؟ قَالَ: مِنْ عِنْدِهِمْ، وَكَانَ يَزِيدُ قَدْ طَابَتْ نَفْسُهُ أَنْ يُعْطِيَهُمْ مَا سَأَلُوا وَيَرْجِعَ إِلَى جُرْجَانَ، فَأَرْسَلَ إِلَى يَزِيدَ مَنْ يَقْبِضُ مَا صَالَحَهُمْ عَلَيْهِ حَيَّانُ، فَانْصَرَفَ إِلَى جُرْجَانَ. وَكَانَ يَزِيدُ قَدْ أَغْرَمَ حَيَّانَ مِائَتَيْ أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ حَيَّانَ كَتَبَ إِلَى مَخْلَدِ بْنِ يَزِيدَ، فَبَدَأَ بِنَفْسِهِ، فَقَالَ لَهُ ابْنُهُ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: تَكْتُبُ إِلَى مَخْلَدٍ وَتَبْدَأُ بِنَفْسِكَ. قَالَ: نَعَمْ،

<<  <  ج: ص:  >  >>