يَوْمَيْنِ وَلَيْلَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَ مُنْقَطِعًا بِهِ، فَأَبْلِغْهُ بَلَدَهُ. فَلَمَّا أَتَاهُ كِتَابُ عُمَرَ قَالَ لَهُ أَهْلُ سَمَرْقَنْدَ: قُتَيْبَةُ ظَلَمَنَا وَغَدَرَ بِنَا فَأَخَذَ بِلَادَنَا، وَقَدْ أَظْهَرَ اللَّهُ الْعَدْلَ وَالْإِنْصَافَ، فَأْذَنْ لَنَا فَلْيَقْدَمْ مِنَّا وَفْدٌ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. فَأَذِنَ لَهُمْ، فَوَجَّهُوا وَفْدًا إِلَى عُمَرَ، فَكَتَبَ لَهُمْ إِلَى سُلَيْمَانَ: إِنَّ أَهْلَ سَمَرْقَنْدَ شَكَوْا ظُلْمًا وَتَحَامُلًا مِنْ قُتَيْبَةَ عَلَيْهِمْ، حَتَّى أَخْرَجَهُمْ مِنْ أَرْضِهِمْ، فَإِذَا أَتَاكَ كِتَابِي فَأَجْلِسْ لَهُمُ الْقَاضِي، فَلْيَنْظُرْ فِي أَمْرِهِمْ، فَإِنْ قَضَى لَهُمْ، فَأَخْرِجِ الْعَرَبَ إِلَى مُعَسْكَرِهِمْ كَمَا كَانُوا قَبْلَ أَنْ يَظْهَرَ عَلَيْهِمْ قُتَيْبَةُ. قَالَ: فَأَجْلَسَ لَهُمْ سُلَيْمَانُ جُمَيْعَ بْنَ حَاضِرٍ الْقَاضِيَ، فَقَضَى أَنْ يَخْرُجَ عَرَبُ سَمَرْقَنْدَ إِلَى مُعَسْكَرِهِمْ، وَيُنَابِذُوهُمْ عَلَى سَوَاءٍ، فَيَكُونُ صُلْحًا جَدِيدًا، أَوْ ظَفَرًا عَنْوَةً. فَقَالَ أَهْلُ الصُّغْدِ: بَلَى نَرْضَى بِمَا كَانَ وَلَا نُحْدِثُ حَرْبًا، وَتَرَاضَوْا بِذَلِكَ.
قَالَ دَاوُدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْجُعْفِيُّ: كَتَبَ عُمَرُ إِلَى عَبْدِ الْحَمِيدِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ قَدْ أَصَابَهُمْ بَلَاءٌ وَشِدَّةٌ وَجَوْرٌ فِي أَحْكَامِ اللَّهِ، وَسُنَّةٌ خَبِيثَةٌ سَنَّهَا عَلَيْهِمْ عُمَّالُ السُّوءِ، وَإِنَّ قِوَامَ الدِّينِ الْعَدْلُ وَالْإِحْسَانُ، فَلَا يَكُونَنَّ شَيْءٌ أَهَمَّ إِلَيْكَ مِنْ نَفْسِكَ، فَإِنَّهُ لَا قَلِيلَ مِنَ الْإِثْمِ، وَلَا تَحْمِلْ خَرَابًا عَلَى عَامِرٍ، وَخُذْ مِنْهُ مَا أَطَاقَ، وَأَصْلِحْهُ حَتَّى يُعَمَّرَ، وَلَا يُؤْخَذَنَّ مِنَ الْعَامِرِ إِلَّا وَظِيفَةَ الْخَرَاجِ فِي رِفْقٍ وَتَسْكِينٍ لِأَهْلِ الْأَرْضِ، وَلَا تَأْخُذَنَّ أُجُورَ الضَّرَّابِينَ، وَلَا هَدِيَّةَ النَّوْرُوزِ وَالْمَهْرَجَانِ، وَلَا ثَمَنَ الصُّحُفِ، وَلَا أُجُورَ الْفُيُوجِ، وَلَا أُجُورَ الْبُيُوتِ، وَلَا دِرْهَمَ النِّكَاحِ، وَلَا خَرَاجَ عَلَى مَنْ أَسْلَمَ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَاتَّبِعْ فِي ذَلِكَ أَمْرِي، فَإِنِّي قَدْ وَلَّيْتُكَ مِنْ ذَلِكَ مَا وَلَّانِي اللَّهُ، وَلَا تُعَجِّلْ دُونِي بِقَطْعٍ وَلَا صَلْبٍ حَتَّى تُرَاجِعَنِي فِيهِ، وَانْظُرْ مَنْ أَرَادَ مِنَ الذُّرِّيَّةِ أَنْ يَحُجَّ، فَعَجِّلْ لَهُ مِائَةً لِيَحُجَّ بِهَا، وَالسَّلَامُ.
قَالَ عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ: حَدَّثَنِي أَبِي قَالَ: قَالَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ عَبْدِ الْمَلِكِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute