للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رَحِمَهَا اللَّهُ، امْرَأَةُ عُمَرَ: لَمَّا مَرِضَ عُمَرُ اشْتَدَّ قَلَقُهُ لَيْلَةً، فَسَهِرْنَا مَعَهُ، فَلَمَّا أَصْبَحْنَا أَمَرْتُ وَصِيفًا لَهُ يُقَالُ لَهُ مَرْثَدٌ لِيَكُونَ عِنْدَهُ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ كُنْتُ قَرِيبًا مِنْهُ، ثُمَّ نِمْنَا، فَلَمَّا انْتَفَخَ النَّهَارُ اسْتَيْقَظْتُ، فَتَوَجَّهْتُ إِلَيْهِ، فَرَأَيْتُ مَرْثَدًا خَارِجًا مِنَ الْبَيْتِ نَائِمًا، فَقُلْتُ لَهُ: مَا أَخْرَجَكَ؟ قَالَ: هُوَ أَخْرَجَنِي، وَقَالَ لِي: إِنِّي أَرَى شَيْئًا مَا هُوَ بِإِنْسٍ وَلَا جِنٍّ، فَخَرَجْتُ فَسَمِعْتُهُ يَتْلُو: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: ٨٣] . قَالَتْ: فَدَخَلْتُ فَوَجَدْتُهُ بَعْدَمَا دَخَلْتُ قَدْ وَجَّهَ نَفْسَهُ لِلْقِبْلَةِ وَهُوَ مَيِّتٌ.

قَالَ مَسْلَمَةُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ: دَخَلْتُ عَلَى عُمَرَ أَعُودُهُ فَإِذَا عَلَيْهِ قَمِيصٌ وَسِخَ، فَقُلْتُ لِامْرَأَتِهِ فَاطِمَةَ، وَكَانَتْ أُخْتُ مَسْلَمَةَ: اغْسِلُوا ثِيَابَ أَمِيرِ الْمُسْلِمِينَ، فَقَالَتْ: نَفْعَلُ. ثُمَّ عُدْتُ فَإِذَا الْقَمِيصُ عَلَى حَالِهِ. فَقُلْتُ: أَلَمْ آمُرْكُمْ أَنْ تَغْسِلُوا قَمِيصَهُ؟ فَقَالَتْ: وَاللَّهِ مَا لَهُ غَيْرُهُ. قِيلَ: وَكَانَتْ نَفَقَتُهُ كُلَّ يَوْمٍ دِرْهَمَيْنِ.

قِيلَ: وَكَانَ عَبْدُ الْعَزِيزِ قَدْ بَعَثَ ابْنَهُ إِلَى الْمَدِينَةِ لِيَتَأَدَّبَ بِهَا، فَكَتَبَ إِلَى صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ أَنْ يَتَعَاهَدَهُ، فَأَبْطَأَ عُمَرُ يَوْمًا عَنِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: مَا حَبَسَكَ؟ فَقَالَ: كَانَتْ مُرَجِّلَتِي تُصْلِحُ شَعْرِي، فَكَتَبَ إِلَى أَبِيهِ بِذَلِكَ، فَأَرْسَلَ أَبُوهُ رَسُولًا، فَلَمْ يَزَلْ حَتَّى حَلَقَ شَعْرَهُ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ الْبَاقِرُ: إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ نَجِيبَةً، وَإِنَّ نَجِيبَةَ بَنِي أُمَيَّةَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَإِنَّهُ يُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أُمَّةً وَحْدَهُ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: أَتَيْنَا عُمَرَ نُعَلِّمُهُ، فَلَمْ نَبْرَحْ حَتَّى تَعَلَّمْنَا مِنْهُ.

وَقَالَ مَيْمُونٌ: كَانَتِ الْعُلَمَاءُ عِنْدَ عُمَرَ تَلَامِذَةً. وَقِيلَ لِعُمَرَ: مَا كَانَ بَدْءُ إِنَابَتِكَ؟

<<  <  ج: ص:  >  >>